كل يوم نصحو على أخبار التفجيرات والقتل وسفك الدماء، الخراب والموت يحيط بنا من كل جهة، المليشيات الإرهابية من جهة استعذبت القتل المروع وجعلته مهمة سهلة تتفنن فيها يوميا بلا أي ندم أو خجل، يمارس أفرادها القتل، قتل الأبرياء بوعي كامل وتصميم وتحد مستخدمين تقنية الانترنت لتصل جرائمهم إلى كل العالم بغرض إثارة الرعب في القلوب وكسر إرادة الخصوم. أحد المحللين يرى أن هؤلاء القتلة يهدفون من وراء بث تلك الفيديوهات إلى بعث رسالة إلى قوات التحالف تقول : إننا شجعان، لا نختبئ بعيدا وراء العتاد العسكري مثلكم، ولكننا نقف بشجاعة ونقتل بأيدينا العارية لأننا نحارب من أجل قضية عادلة ! تحليلات أخرى تذهب إلى أن تلك الجرائم المتناهية البشاعة توحي باليأس والإفلاس والفشل أكثر مما تشعر بالقوة والعزم ! من جهة أخرى تمارس إسرائيل أسلوبا مشابها، فهي تعمل يوميا على محاولة كسر إرادة الشعب الفلسطيني، وإجباره على الاستكانة والخضوع، ورغم أن ما تريده لا يتحقق إلا أنها مستمرة في سلوكها، ولا شيء يتغير في مواقفها، الاستيطان لا يتوقف، هدم البيوت مستمر، مصادرة الأراضي وحرق المساجد، حصار المسجد الأقصى، الإصرار على إعلان القدس عاصمة أبدية لها، الاعتقالات وسحب الهويات، التعذيب والقتل، وانتهت أخيرا إلى إعلان أنها ستخفف القيود على حمل الأسلحة للدفاع عن النفس، وأن من يرمي جنودها بالحجارة سيواجه بإطلاق النار، تطالب بأمنها وهي تعمل عكس ما يتطلبه الأمن مستغلة حالة التشرذم والتيه العربي. الشعب السوري يطحن يوميا تحت براميل النظام المتفجرة، وغارات التحالف، وبين نزاعات الفصائل المسلحة وبين مشاريع داعش وجرائمها أما الشعب العراقي واليمني فليسا أفضل حالا. صور القتل والدمار التي تصلنا تثير مشاعر يصعب وصفها، صور تعكس حالة الضعف العربي، والارتباك والكذب الغربي تجاه ما يحدث، وتثبت عجز النظام العالمي وتخاذله عن صون حياة وكرامة النفس البشرية. ما أكتبه لا جديد فيه، ولكن السؤال إلى أين نحن ذاهبون؟ ألهذا النفق المظلم نهاية؟ وهل يمكن أن تصبح المحن التي يعيشها العالم العربي دافعا لتعديل المسار؟ يقال إن أصعب الأوضاع تصبح بوصلة للأفضل في حالات كثيرة بما تقدمه من دروس وعبر، والظلم والخراب عندما يصل مداه لا يدوم، فليمض الدمار إلى النهاية، لأن«لكل شيء وإن طالت لجاجته انتهاء» وليتساقط ورق الخريف حسب أبيات أعجبتني لشاعر عراقي تقول : دع الورقَ الذابلَ يسقط دَعِ الانحلالْ يتسربُ للزمنِ المتفسِّخِ دعْ غبارَ الرصيف يُغطّى بعشبٍ ودعْ ورقاً ذابلاً في الخريف يغطي ترابَ الحدائق وَدعْ زمنَ الانحلال يمدُّ مداه دعْ غبارَ القرون يتطاير ودعْ صدأَ الزنكِ يتساقط!