يبدو للوهلة الأولى أن الرياضة وسيلة تسلية وتنافس فوق أرضية الميدان، والخطر موجود بنسب قليلة جداً، لكن الواقع والأرقام تؤكد عكس ذلك، "يقول خبير ودكتور قلب" إن التعصب الرياضي يشكل خطراً كبيراً على أرواح الجماهير الرياضية، فضلاً عن أن عدم انضباط اللاعبين واتجاههم للسهر والتدخين هو سبب التراجع الكبير في أدائهم. الدكتور خالد النمر تحدث ل"دنيا الرياضة" عن الكثير من الأمور التي تهم الرياضي الممارس والجمهور المتابع في حوار ثري في الأسطر التالية: *ذكرت سابقاً أنه يجب الاهتمام بصحة القلب لدى الرياضيين سواء كانوا لاعبين او الجماهير.. لماذا؟ هؤلاء هم شباب الوطن ورجال المستقبل والسواعد التي تقوم عليها حضارة كل امة فإذا لم نهتم بهم وبصحتهم فنحن مقصرون، وأهم ما في الصحة، صحة القلب ولذلك يجب علينا كأطباء ومسؤولين صحيين ومعلمين واكاديميين ومسؤولين رياضيين تقديم كل ما لدينا لحماية هذه الفئة ووقايتها من مشاكل القلب، والتوعية الصحية جزء لا يتجزأ من تلك المنظومة المهمة. *ماالذي يميز لاعب كرة القدم عن غيره من ناحية صحة القلب؟ لاعبو كرة القدم هم شباب، حياتهم المهنية محدودة جدا تبدأ من عمر العشرين الى الأربعين سنة تزيد او تنقص قليلاً، يضطرون خلالها للعب والتدريب في جميع الظروف المناخية من مطر أو برد أو حر او رطوبة وفي ملاعب وأراض قد تكون مرتفعة عن سطح البحر نسبيا. وأثناء ذلك فهم في جو تنافس شديد ومحتدم بين المشاركين بل بين افراد الفريق الواحد... ففي ذلك المكان: المستطيل الاخضر (120متراً طولا و90 متر عرضًا) وفي ذلك الزمان: 90 دقيقه فقط، عليهم ان يبرزوا أفضل ما لديهم من مهارات تعتمد على كفاءة القلب والمشكلة انهم يجب ان يبذلوا كل مايستطيعونه جسديا في ممارسة مهاراتهم الفنية وذلك للحصول على اكبر قدر من الاموال والشهرة وتسليط الاضواء في زمن قصير نسبيا، فلكل لاعب منهم قيمته المادية في سوق الكرة العالمي، لأنهم يعلمون ان نورهم سيخبو بعد زمن قليل، وهم أيضا تحت ضغوط دائمة من عدة جهات، كإدارة النادي الذي يصرف عليه ملايين الريالات ويريد نجاحا كرويا في المقابل وحاجات عائلته الصغيرة وعائلته الكبيرة ومايرجون منه ومن نجاحاته، وهم كذلك شباب يتعرضون مثل غيرهم للمغريات من تدخين ومنشطات وغيرها ولذلك فهم عرضة مثل غيرهم لأمراض القلب. *هل يحتفظ اللاعبون بلياقتهم بعد اعتزال كرة القدم ؟ اوضحت الدراسات الطبية انهم بعد الاعتزال تكثر فيهم السمنة وامراض القلب والسكري مقارنة بأقرانهم في العمر وذلك بسبب انفراط القيود الغذائية والرياضية اليومية التي كانوا يعيشونها خلال حياتهم المهنية حفاظا على صحة أبدانهم وهناك أمثلة مشهورة دوليا ومحليا معروفة لدى جماهير الكرة. الوجبات السريعة العدو الأول للجمهور والرياضيين *ماهي احتمالية توقف القلب لدى لاعبي كرة القدم؟ عندما يسقط لاعب ويتمدد على الارض فإنه في الغالب يستطيع القيام بعد ذلك ولكن عندما يفقد وعيه متمددا على ارض الملعب بسبب توقف القلب ففي الغالبية العظمى لايستقيظ منها ابدا الى يوم البعث، حيث إن نسبة حدوث الوفاة القلبية المفاجئة في اللاعبين هي حوالي واحد لكل مائة الف رياضي واذا عرفنا ان عدد لاعبي كرة القدم في العالم -حسب تقرير الفيفا- 265 مليون لاعب، فلا عجب ان يكون هناك اكثر من حالة سنويا على امتداد البسيطة ولكن لا تسلط عليها الاضواء لأنها في نواد مغمورة، ومن ضمن حالات الوفيات المفاجئة الدولية التي سلط عليها الضوء فيفيان فويه عام 2003، ساو سيرجينيو 2004، أنتونيو بويرتا 2007، دانييل خاركي 2009 و بييرماريو موروسيني، وعربيا من تونس الهادي بن رخيصة ومصر محمد عبدالوهاب 2006 ..إلخ، ولذلك فإن المنظمات الدولية مثل (الفيفا) تضع قوانين صارمة لفحوصات القلب مثل التاريخ المرضي والعائلي والفحص السريري وتخطيط القلب وتصوير الاشعة الصوتية وذلك ضمن فحوصات طبية أخرى لكل لاعب. *ماهي الاسباب المشهورة لوفاة لاعبي كرة القدم في الملعب اثناء المباراة.؟ تضخم عضلة القلب في اللاعبين او توسعها وضعفها بسبب التهاب فيروسي، وتنسج البطين الأيمن اللانتظامي، وتشوهات خلقية في شرايين القلب او صماماته، وجلطات القلب المفاجئة، والاختلال الكهربائي لنبضات القلب. *هل تتوقف قلوب هؤلاء من دون مقدمات ام هناك اعراض تظهر على اللاعب قبل ذلك بفترة؟ الغالبية يكون هناك اعراض منذرة للاعب مثل الخفقان، آلام الصدر او ضيق في التنفس، الدوخة اثناء الجري، يتعب بسرعة قبل زملائه الآخرين، خمول في جسمه، تعرضه لحمى روماتيزمية في صغره او التهابات لوز متكررة مع آلام في المفاصل أو وفاة احد أخوانه او اخواته موتا مفاجئا وبدون مقدمات (مثل سقوط مفاجئ، غرق مفاجئ، وفاة احد اخوانه في صغره، حادث سيارة مفاجئ بسبب فقد التحكم بالمركبة). المدربون الأكثر سمنة والأقل التزامًا بالقوانين والخطر يطاردهم *ولكن قد يسأل سائل ويقول الحياة والموت بيد الله ولا يستطيع الاطباء تقديم الموت ولا تأخيره فعن ماذا تتحدث؟ صحيح ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا بالتداوي وبالأخذ بالاسباب (أعقلها وتوكل) ونهانا عن التواكل لما فيه من تفريط في حياة الناس ومصالحهم، فاحتمالية نجاح الصدمات الكهربائية في الملعب او السوق (خارج المستشفى) في استرجاع النبضات الطبيعية منخفض جدا لا يتعدى خمسة بالمئة ولكنة يستحق المحاولة لأن حياة الانسان لا تقدر بثمن وبأخذ الإجراء الوقائي من الوفاة المفاجئة فإن البشر يفرون من قدر الله الى قدر الله، ولذلك فإننا ننصح بإجراء الفحص الدوري الوقائي للقلب للعموم ولهذه الفئة من شبابنا الغالين علينا لأنهم يمثلون وجها من اوجه النشاط الثقافي الرياضي لوطننا الغالي. *لماذا تحدث الأزمات القلبية عند الفوز أو الخسارة الرياضية، كيف يحدث هذا؟ عند شدة الفرح او شدة الحزن ترتفع هرمونات الكيتوكولامين الى اربعة اضعاف فتزيد بالتالي سرعة عضلة القلب وقوتها انقباضها، وهذا يزيد من كمية استهلاك الاكسجين في عضلة القلب، وبالتالي من لديه تضيق في شرايين القلب تحدث لديهم نقص التروية بأنواعها الذبحة الصدرية او الجلطة القلبية، وحتى ان لم يكن لديه تضيق في الشرايين فقد يحدث له ما يسمى ضعف عضلة القلب الانفعالي، هذا يختلف تماما عن الاغماءات التي تحدث عند عدم فوز فريق او هزيمته كما حصل بين الهلال وسيدني حيث اغمي على سبع حالات مع تشنج وهي غالبا من التوتر النفسي وسرعة التنفس وبالتالي الدوخة والاغماء. * هل تؤيد الكشف الدوري على قلب الرياضي؟ بكل تأكيد بل هو من شروط (الفيفا) لممارسة اللعبة، والمشكلة لا تكمن في المسابقات الدولية؛ لأن عليها مراقبة صارمة ولكن في السواد الاعظم من اللاعبين في العالم الذين ليسوا تحت الاضواء (المدن الصغيرة والقرى في العالم)، وهناك جهود تقودها ادارة الطب الرياضي في الرئاسة العامة لرعاية الشباب تحت اشراف معالي الرئيس وسبق ان كان هناك ندوة عالمية لوفاة القلب المفاجئة عند الرياضيين وكان هناك توصيات علمية مشتركة من الخبراء الأجانب والسعوديين وهي توصيات سيكون لها مابعدها وسترى الضوء في القريب العاجل وهي جهود تذكر فتشكر فجزى الله خيرا كل من قام عليها وتبناها. * قلوب الرياضيين تختلف من لعبة إلى أخرى بمعنى مواصفات قلب لاعب كرة القدم يختلف عن قلب لاعب رفع الأثقال مثلا... هل هذا صحيح؟ في رفع الاثقال تزداد سماكة عضلة القلب 60 بالمائة وحجم القلب 20 بالمائة اما في كرة القدم فتقريبا العكس إذ سماكة القلب 30 بالمائة وحجم عضلة القلب 60 بالمائة، واللاعبون عموما تنخفض نبضات قلبهم كلما زادت لياقتهم وتتوسع عضلة القلب ولكن لا تزداد غالبا على 60 ملم حتى تضخ كمية اكبر من الدم ربما تصل الى 40 لترا في الدقيقة مع 180 نبضة في الدقيقة، فيزداد حجم القلب 50 بالمائة، وتزداد سماكة الجدار 30 بالمائة، ويكون الخفقان اكثر لديهم وبالذات الاذيني في حوالي 30 بالمائة منهم، وبعد ايقاف التدريبات الرياضية تعود هذه التغيرات الى وضعها الطبيعي. *هل الوجبات السريعة عدو كذلك لقلوب اللاعبين؟ هي عدو لقلوب الجميع اللاعبين أو غيرهم كبارا وصغارا رجالا ونساء سواء بكمية الملح او الكلسترول او السعرات الحراية الزائدة فيها. *نشاهد كثيراً من اللاعبين يدخنون ألا يؤثر هذا على قلوبهم ولياقتهم ونشاطهم؟ يعتقد كثير من اللاعبين ان رئاتهم فوق الطبيعية لذلك لا يضرهم التدخين، والحقيقة ان نسبة التدخين في اللاعبين حسب الدراسات الطبية 20 بالمائة والتدخين يعد عدو اللاعبين في العالم، والمسبب لانخفاض كفاءتهم في الملاعب؛ لأن اداءهم يعتمد على اداء 120 بالمائة من اداء الرئة العادي، فلو قلت اكسدة الدم ولو قليلا لظهر ذلك واضحا في ضعف الاداء خصوصا في الشوط الثاني. *متى يجب ايقاف اللاعب من ناحية صحة القلب؟ اذا حدث تضخم عضلة القلب او توسعها أو ضعفها بسبب التهاب فيروسي مثلا او استخدام المنشطات الممنوعة دوليا او شرب المواد الكحولية او تدخين مواد كيميائية ممنوعة، كذلك اذا تم اكتشاف تنسج البطين الأيمن غير الانتظامي وهذا من أهم اسباب الوفاة المفاجئة في ملاعب كرة القدم، وكذلك اكتشاف تشوهات خلقية في شرايين القلب او صماماته وسبق ان منعت احد اللاعبين من ممارسة الرياضة التنافسية بسبب خلل وراثي في شرايين القلب لديه حتى بعد ان تم علاجها حسب شروط منظمة (الفيفا) الدولية، واللاعبون يحدث لديهم التدخين لذلك هم عرضة مثل غيرهم لجلطات القلب المفاجئة، وإذا نجوا من السكتة القلبية فإنهم يمنعون من الالعاب التنافسية بعد ذلك حتى وان عولجت، وأخيرا الاختلال الكهربائي لنبضات القلب سواء كان اذينيا او بطينيا. *يقال إن المدربين معرضون للذبحات القلبية أكثر من غيرهم ما صحة هذه المقولة ولماذ؟ لأنهم اكثر سمنة وتدخينا واقل التزاما بالقوانين الصارمة المفروضة على اللاعبين ولا يطلب منهم الاداء الرياضي خلال المباراة وبالتالي فهم عرضة لامراض شرايين القلب. *كلمه أخيره تود توجيهها للاعبين والجماهير؟ انتم بجميع فرقكم فخر لنا، وكل لاعب ومشجع عليه امانة الظهور دوما بما يليق امام الآخرين بما يرفع سمعته وسمعة وطنه واعتزازه بدينه وأخلاقه وابتعاده عن التجريح في الآخرين ومحاربة التعصب الرياضي بكل ما أوتي، لأنه ببساطة نحن الذين سنجهز الوسط الرياضي لأبنائنا من بعدنا. مارأيك في التعصب الرياضي؟ التعصب الرياضي او الديني اوالعلمي هو أوجه مختلفة لعملة واحدة وهو فكر معين يعتمد على ان ذلك الشخص لا يرى إلا رأيه ووجهة نظره وفريقه في هذه الدنيا، ويعمل على محاربة الطرف الآخر بكل ما اوتي من قوة وجهد، ومن ليس معه تماما فهو ضده، وشدة الاستقطاب تؤدي لانعدام الحوار بين الاطراف المختلفة فيجب ان يعلم هؤلاء الشباب ومن يرعاهم ومن ينفخ فيهم نار التعصب الرياضي لمصالحه الشخصية، إن مصلحة الرياضة السعودية هي الأهم وهي فوق كل اعتبار ويجب ان يعمل الجميع في ذلك الاتجاه لما فيه الرقي الرياضي والروح الرياضية والمنافسة الشريفة بل انه من المحزن ان تجد الدعاة المشهورين يتنابزون بالالقاب امام العامة من الناس وهؤلاء هم لب المجتمع وصفوته فما بالك بباقي الناس، اقترح على رعاية الشباب عمل دورات في نشر الفكر الرياضي السليم ومحاربة التعصب الرياضي وعدم القبول بأي درجة منه ومعاقبة من يصدر منه مايذكي نار التعصب والحقد الرياضي امام الجميع تأكيدا على الثبات في مواجهة التطرف الرياضي بل وارسال لاعبين مشهورين من فريقين فأكثر معا الى المدارس الثانوية لمحاربة التعصب الرياضي وحث الاعلاميين الرياضيين بأن يحاربوا التعصب بكل ما اوتوا وان يكونوا قدوه للشباب الناشئ، فهناك فرق كبير بين التشجيع والتعصب الرياضي. الكاميروني فوييه توفي في كأس القارات النمر يتحدث للزميل العويمري الهادي بن رخيصة الأشهر عربياً