الرياضة أصبحت حاضراً صناعة؛ لذا لم تعد متابعتها مقتصرة على الرياضيين، هناك آخرون ليسوا بالوسط الرياضي وأصحاب مسؤوليات كبيرة ومهام بعيدة عن الرياضة، لكنهم يعشقونها حديثاً أو منذ فترة. الوجه الآخر الرياضي لغير الرياضيين تقدمه "دنيا الرياضة" عبر هذه الزاوية التي تبحث عن المختصر الرياضي المفيد، وضيفنا اليوم هو الدكتور خالد النمر. * هل يختلف قلب الرياضي عن قلب الإنسان العادي وكيف؟ - من ناحية الشكل والتركيب الداخلي لا يختلف قلب اللاعب عن غيره من البشر ولكن من ناحية الاداء فكفاءتهم أكثر، فمثلا الانسان الخامل يضخ 3-4 لتر من الدم في الدقيقة الواحدة، ولكن العداء الافريقي في قمة ادائه تصل قوة ضخ القلب الى 35-40 لتر في الدقيقة أي حوالي عشرة اضعاف الاداء وهذا يحتاج الى كثير من التدريب واللياقة ولذلك فاللاعبون تحت جهد بدني دائم لأنهم يضطرون للعب والتدريب في جميع الظروف المناخية من مطر أو برد أو حر او رطوبة الى حد ما، اما اللاعبون بعد الاعتزال فإنهم غالبا ما تكثر فيهم امراض القلب والسكري والسمنة مقارنة بأقرانهم في العمر بسبب انفراط القيود التي كانوا يعيشونها. اللاعبون مهددون بالجلطات المفاجئة.. والوجبات السريعة عدوهم.. والمدربون الأقل التزاماً بالقوانين * متى يقول قلب الرياضي كفى؟ - اذا حدث تضخم عضلة القلب او توسعها أو ضعفها بسبب التهاب فيروسي مثلا او استخدام المنشطات الممنوعة دوليا او شرب المواد الكحولية او تدخين مواد كيميائية ممنوعة، كذلك اذا تم اكتشاف تنسج البطين الأيمن غير الانتظامي وهذا من أهم اسباب الوفاة المفاجئة في ملاعب كرة القدم، وكذلك اكتشاف تشوهات خلقية في شرايين القلب او صماماته وسبق ان منعت احد اللاعبين من ممارسة الرياضة التنافسية بسبب خلل في وراثي في شرايين القلب لديه حتى بعد ان تم علاجها حسب شروط منظمة (الفيفا) الدولية، واللاعبون يحدث لديهم التدخين لذلك هم عرضة مثل غيرهم لجلطات القلب المفاجئة، وإذا نجوا من السكتة القلبية فإنهم يمنعون من الالعاب التنافسية بعد ذلك حتى وان عولجت، وأخيرا الاختلال الكهربائي لنبضات القلب سواء كان اذينيا او بطينيا. قرارات الطبيب أشبه بقرارات الحكم.. ووصلت إلى من هجاه ابن سرور بمشرطي! * يقال إن المدربين معرضون للذبحات القلبية أكثر من غيرهم ما صحة هذه المقولة ولماذ؟ - لأنهم اكثر سمنة وتدخينا واقل التزاما بالقوانين الصارمة المفروضة على اللاعبين ولا يطلب منهم الاداء الرياضي خلال المباراة وبالتالي فهم عرضة لامراض شرايين القلب. * غرف القلب (الأذين بنوعيه وكذلك البطين) هل يمكن أن نشبهها بخطوط الفريق فأيهما الدفاع وأيهما الهجوم وأيهما الوسط وأيهما الحارس؟ - رأس الحربة هو البطين الايسر لأنه هو المسؤول عن توجيه دفعات الدم الى باقي اجزاء الجسم من خلال الشريان الاورطى. وخطوط الدفاع هي الصمامات المترالي والأورطي والرئوي لأنها تمنع الهجمات المرتدة سواء من البطينين الى الاذينين او من الشريان الاورطي او الرئوي الى البطينين. اما الوسط فهو البطين الايمن لأنه يستقبل الدم غير المؤكسد من جميع اجزاء الجسم ويضخه الى الرئتين لأكسدته ثم يرجع البطين الايسر لضخه لباقي اجزاء الجسم، فهو وسيط بين الاذين الايمن الذي يستقبل الدم غير المؤكسد من جميع اجزاء الجسم وبين الرئتين التي تؤكسد الدم وتعيده الى البطين الايسر. اما الحارس فهو الصمام ثلاثي الشرفات وهو يستقبل جميع الاهداف (الدم غير المؤكسد من اعلى الجسم واسفله ويرسله الى البطين الايمن (خط الوسط) الذي بدوره يرسله الى الرئتين للأكسدة ثم يعطى لخط الهجوم (البطين الايسر). * الشريان الأورطي هو بمثابة صانع ألعاب القلب؟ - بل هو امتداد لخط الهجوم الذي يرسل الدم من البطين الايسر لباقي انحاء الجسم اما صانع العاب القلب فهي قطعة نسيج صغيرة ميكروسكوبية لا ترى بالعين المجردة وموجودة قرب قاع الاذين الايمن تسمى العقدة العصبية الاذينية وهي ترسل النبضات الكهربائية في انحاء القلب وتنظم أوركسترا ضخ الدم الى باقي اعضاء الجسم واستقباله ايضا من جميع انحاء الجسم. * هل يمكنكم أنتم الأطباء المتخصصون في القلب أن تعرفوا قلب المتعصب من غيره؟ - التعصب هو فكر معين ومن ثم التصرف على اساس تلك القناعات الفكرية، فالمتعصب هو انسان لا يرى إلا رأيه ووجهة نظره وفريقه في هذه الدنيا، ومن ليس معه تماما فهو ضده تماما، لذلك لا أتوقع ان لهم قلوبا يعقلون بها. * لماذا تحدث الأزمات القلبية عند الفوز أو الخسارة الرياضية، كيف يحدث هذا؟ - عند شدة الفرح او شدة الحزن ترتفع هرمونات الكيتوكولامين الى اربعة اضعاف فتزيد بالتالي سرعة عضلة القلب وقوتها انقباضها، وهذا يزيد من كمية استهلاك الاكسجين في عضلة القلب، وبالتالي من لديه تضيق في شرايين القلب تحدث لديهم نقص التروية بأنواعها الذبحة الصدرية او الجلطة القلبية، وحتى ان لم يكن لديه تضيق في الشرايين فقد يحدث له ما يسمى ضعف عضلة القلب الانفعالي. * هل تؤيد الكشف الدوري على قلب الرياضي؟ - بكل تأكيد بل هو من شروط (الفيفا) لممارسة اللعبة، والمشكلة لا تكمن في المسابقات الدولية؛ لأن عليها مراقبة صارمة ولكن في السواد الاعظم من اللاعبين في العالم الذين ليسوا تحت الاضواء (المدن الصغيرة والقرى في العالم). * قلوب الرياضيين تختلف من لعبة إلى أخرى بمعنى مواصفات قلب لاعب كرة القدم يختلف عن قلب لاعب رفع الأثقال مثلا... هل هذا صحيح؟ - في رفع الاثقال تزداد سماكة عضلة القلب 60 بالمائة وحجم القلب 20 بالمائة اما في كرة القدم فتقريبا العكس إذ سماكة القلب 30 بالمائة وحجم عضلة القلب 60 بالمائة. واللاعبون عموما تنخفض نبضات قلبهم كلما زادت لياقتهم وتتوسع عضلة القلب ولكن لا تزداد غالبا على 60 ملم حتى تضخ كمية اكبر من الدم ربما تصل الى 40 لترا في الدقيقة مع 180 نبضة في الدقيقة، فيزداد حجم القلب 50 بالمائة، وتزداد سماكة الجدار 30 بالمائة، ويكون الخفقان اكثر لديهم وبالذات الاذيني في حوالي 30 بالمائة منهم، وبعد ايقاف التدريبات الرياضية تعود هذه التغيرات الى وضعها الطبيعي. * هل الوجبات السريعة عدو كذلك لقلوب اللاعبين؟ - هي عدو لقلوب الجميع اللاعبين أو غيرهم كبارا وصغارا رجالا ونساء سواء بكمية الملح او الكلسترول او السعرات الحراية الزائدة فيها. * نشاهد كثيراً من اللاعبين يدخنون ألا يوثر هذا على قلوبهم ولياقتهم ونشاطهم؟ - يعتقد كثير من اللاعبين ان رئاتهم فوق الطبيعية لذلك لا يضرهم التدخين، والحقيقة ان نسبة التدخين في اللاعبين حسب الدراسات الطبية 20 بالمائة والتدخين يعد عدو اللاعبين في العالم، والمسبب لانخفاض كفاءتهم في الملاعب؛ لأن اداءهم يعتمد على اداء 120 بالمائة من اداء الرئة العادي، فلو قلت اكسدة الدم ولو قليلا لظهر ذلك واضحا في ضعف الاداء خصوصا في الشوط الثاني. * توقف قلب الرياضيين المفاجئ كيف يحدث؟ - غالبا بالرجفان البطيني الذي يؤدي الى فقد اللاعب لوعيه داخل الملاعب واكثر الاوقات تعرضا هي خلال المباراة ومباشرة بعدها، ونسبة حدوث الوفاة القلبية المفاجئة في اللاعبين حوالي 1:100000 رياضي واذا عرفنا ان عدد لاعبي كرة القدم في العالم - حسب تقرير (الفيفا) - 265 مليون لاعب فلا عجب ان يكون هناك اكثر من حالة سنويا على امتداد البسيطة، ولكن لا تسلط عليها الاضواء لأنها في نواد مغمورة، لذلك فإن المنظمات الدولية مثل (الفيفا) تضع قوانين صارمة لفحوصات القلب (FIFA - PCMA) مثل التاريخ المرضي والعائلي والفحص السريري وتخطيط القلب وتصوير الاشعة الصوتية. * كم تأخذ الرياضة من وقت الطبيب الجراح؟ - على الاقل 30 دقيقة يوميا خمسة ايام في الاسبوع. * من بين مراجعي عيادتك كم نسبة الرياضيين؟ - ثلاثة بالمائة تقريبا. * هل تشعرون معشر الأطباء بالغيرة من رواتب اللاعبين المحترفين، وهم الأقل منكم تحصيلاً علمياً؟ - لا تقاس الامور في نظري بهذه الطريقة فكل طبقة معينة من الرواتب هناك من هو أعلى منها، والارزاق والآجال مكتوبة للجميع وقد أقسم الله سبحانه على ذلك بنفسه ووثقّه في كتابه، فليس في ذلك مدخل شك بتاتا، ولكن الذي يهم هو ما يقوم به كل من الطبيب واللاعب والمهندس في حياته العملية، في خدمة أهله ووطنه، وتمثيل بلاده بأفضل ما لديه. * بعد اكتشاف لقاح للسيطرة على انفلونزا الخنازير هل سنجد لقاحاً مناسباً لانفلونزا التعصب الرياضي؟ - التعصب موجود في كل شعوب الارض، وبجميع انواعه الاسري الديني القبلي الفكري، بسبب طبيعة الانسان البدائي وقتاله من أجل البقاء، فلا مكان الا لرأي واحد مهما كان نوعه، وكلما زاد فكر الانسان وحضارته ودينه قرب من الطرف الآخر واحترمه، والمجال الرياضي ليس استثناء من ذلك. * بين معطف الطبيب "الأبيض" ومعطف الجراح "الأزرق" ثمة مساحة للحديث عن ميولك هل تسرده علينا؟ - مازلت ذلك الانسان الذي يحب الخروج الى البر والابتعاد عن صخب المدينة كلما سنحت الفرصة (وهي نادرة عموما) ويسعدني كثيرا الجلوس مع الشياب والاستماع الى احاديثهم وتجاربهم في الحياة، احب حفظ الشعر بأنواعه الفصيح والشعبي، فالفصيح شاعري المفضل هو المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس، وابوتمام، وابوفراس، ومن شعراء المعلقات زهير، وطرفة، ومن الشعر الشعبي بندر بن سرور، وسعد بن جذلان، وابن سبيل، ومن المواقف العجيبه التي مرت بي هي القصه التالية: من طبيعة بعض الاطباء انه خلال قيامه بالعملية ان يدندن سواء بأغنية يحفظها او قصيدة، وقد رأيتها في زملاء المهنة من جميع شعوب الارض كل منهم يردد بلسانه ما يروق له وفي إحدى الليالي كان هناك مريض مصاب بجلطة قلبية ونحن نحاول فتح الشريان تحت التخدير الموضعي وكنت ادندن بقصيدة مشهورة لابن سرور وبعد انتهاء العملية بنجاح وخروجه لغرفة الملاحظة قال لي المريض: يا دكتور تدري انه انا الشخص الذي قال فيه (بندر) القصيدة التي كنت ترددها وما تدري أن صاحبها مجندل بين يديك؟ * مشرط العمليات بماذا يذكرك في الرياضة؟ - يذكرني بقرارات الحكم التي تحسم الموقف في اللحظة ذاتها. * هل هناك ثمة شبه بين اللاعب والطبيب؟ "ما وجه الشبه إن وجد"؟ - كلاهما وقته ليس له ويحتاج الى كثير من التدريب واخطاؤه لا تغتفر. * لمن توجه البطاقة الحمراء؟ - لمن لا يحترم لاعبي الفريق المنافس على ارض الملعب ويستميت في ايذاء الآخرين بناء على اعتقاده انها معركة شخصية ويتصرف على انها حياة او موت!! * لأي الأندية تدين الغلبة في منزلك؟ - علمتهم عدم التعصب لرأي او فريق ولذلك انقسموا بين الهلال والنصر والاتحاد * من ترشح من مشاهير الرياضة لدخول مجال الطب؟ ولماذا؟ - عبداللطيف الغنام لكثرة اصاباته ودخوله المستشفيات بكثرة واحتكاكه مع الاطباء متعه الله بالصحة والعافية. * ومن تدعوه منهم إلى مائدتك؟ - من المتقاعدين يوسف الثنيان، وماجد عبدالله، ومن الحاليين محمد الشلهوب، وابراهيم غالب. * شكل فريقاً من أصدقائك الأطباء لمواجهة منتخب البرازيل في مباراة ودية؟ - طبعا هذا في الاحلام ولكن نشترط ان يكون الحكم طبيبا ايضا والاسماء التي سأرشحها في الوقت الحالي ما يلي: (ولم أضع اسمي مع الفريق ببساطة لأن لياقتي الحالية لا تؤهلني لمواجهة منتخب البرازيل). الهجوم زهير الهليس، ومحمد فودة، والظهير الأيمن مؤيد الزئبق، والظهير الايسر مصطفى يوسف، وخط الوسط زياد ميمش، وفرحان العنزي، ومحمد عرفة، خط الدفاع فيصل العنزي، وحامد العمران، ومحمد الصعيدي، والحارس منور العنزي.