س: "ما رأيك بهشاشة الانتاج الأدبي بعد مرحلة النشر الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر منذ 10 سنوات وأكثر، فيما كان الإنتاج الذي يسبق هذه المرحلة أكثر جودة ورسوخاً في ذهن القارئ.. برأيك أين يكمن السبب؟". ج: أنا لا أوافق على فرضية هذا السؤال منذ البداية، لا أعتقد أن الإنتاج الأدبي قد أصيب بالهشاشة في السنوات الأخيرة تحديداً أي بعد انتشار هذا الإنتاج في خيارات الانترنت المتعددة. وحتى لو أن البعض يرى ذلك فأيضاً لا أعتقد ان مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر هي السبب، بل العكس هو الصحيح. فهذه المواقع، أو معظمها على الأقل، ساهمت في ترويج الكتب الأدبية ومعارض الكتب والمجموعات القرائية وكل الأنشطة المتعلقة بالقراءة، بشكل لم يسبق له مثيل، وشجعت الكثيرين على القراءة وتبادل الآراء النقدية والانطباعية حول ما يقرأون. أقول ذلك عن تجربة خاصة بي ليس كمؤلفة للكتب وحسب بل أيضا كقارئة ومشاركة في هذه المواقع بفعالية كبيرة وبشكل متواصل. وعموما أنا لست من هواة تقييم الانتاج الأدبي كحزمة واحدة، ولا أحب وضع كل الكتب في سلة وحيدة، والحكم عليها بشكل موحد. فالتجارب متعددة ومستوياتها مختلفة. وما أنتجه الشباب أي الذين يقدمون على النشر لأول مرة، من كتب أدبية كالقصة القصيرة والشعر والرواية، كثير جدا، وبمستويات نقدية متفاوتة، ولعله من الظلم لهذه التجارب أن نحكم عليها بالهشاشة، ومن مضاعفة الظلم لها ولمواقع التواصل الاجتماعي أن نعيد أسباب الهشاشة المفترضة تلك الى تلك المواقع. كل ما في الامر، في رأيي، أن تويتر والفيس بوك وغودريدر وغيرها، ساهمت فعلا في الترويج الكبير لكتب الشباب مقارنة لها بكتب الراسخين في أمور الكتابة والتأليف والنشر من الأجيال السابقة، وذلك بحكم إجادة هؤلاء الشباب التعامل مع الانترنت ومعطياته من مواقع جديدة بشكل كبير ومحترف، على عكس كتاب الأجيال السابقة الذين لا يعرف الكثيرون منهم كيف يتعاملون مع هذه المواقع، وإن عرفوا فيبقون في المستويات الدنيا لإمكانياتها، وهذا ما جعل نتاجهم بعيداً عن المشهد الاعلامي بشكل عام، والصحفي الثقافي بشكل خاص. كما أن ذلك على صعيد آخر جعل من المقارنة بين النتاج الأدبي المنتشر قبل سيادة مواقع التواصل الاجتماعي أكثر جودة مما انتشر بعده.. تصب نتائجها لصالح القديم المترسخ في الذاكرة النقدية وذائقة القراء أولاً، خاصة وأن هذا المشهد صار يعتمد على الانترنت كمصدر أول للمعلومة. أي إن هناك ما يشبه الخدعة في الامر هو ما جعل الكثيرين يؤمنون أن النتاج الأدبي الذي كان سائداً قبل عشر سنوات أفضل من نتاج هذه الأيام، وهذا كما أرى غير صحيح.