لم يعد بإمكان الشاعر الشعبي أن يقف مكانه على أطلال الصورة الذهنية الراسخة عن الشعر الشعبي, تغير الزمان, وتقلصت المسافات, وأصبح الفيس بوك وتويتر مرتعاً خصباً لكل من لم يجد نافذة يطل من خلالها على القراء, والأهم من هذا كله أن المواقع الاجتماعية أصبحت وسيلة ناجعة لتلاقح الأفكار وتمازجها, وهي فرصة يجب على كل شاعر خصوصاً صغار السن وحديثي التجارب أن يغتنموها, نعم لم يعد هذا عصر الكتاب والقراءة, إنه عصر يحتم عليك أن تختزل فكرتك في 140 حرفاً لتنشرها في تويتر مثلاً, ليس لدى القراء الوقت الكافي لقراءة قصيدة مطوّلة, أو متابعة مهارة الشاعر في وصف هيكل السيارة التي ستنطلق من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب دون أن يتوقف سائقها أو يشعر بالنعاس! أصبح الفيس بوك وتويتر مرتعاً خصباً لكل من لم يجد نافذة يطل من خلالها على القراء من المهم جداً أن يتواصل الشعراء مع أمثالهم في الأقطار العربية المختلفة, فالشعر هو الشعر في أي مكانٍ وزمان, والاطلاع على التجارب المختلفة، حياة جديدة تستطيع أن تعيشها كل يوم بل وكل لحظة, إنها دعوة صادقة لكل شاعر بأن يستغل التقنيات الحديثة ليكون أقرب إلى تجارب غيره الشعرية والفكرية, فالشعر ما هو سوى بوابة فكرية تتيح لمن يعبرها أن يكون قريباً من الناس بمختلف ثقافاتهم, إنها دعوة للانفتاح على الغير بكل أدب وثقافة وشعر, ولعل ما يثلج الصدر لمن يتجوّل في مثل هذه المواقع الاجتماعية أن يلحظ وفرة أدبية لأسماء شابة تقدّم طرحاً أدبياً وفكرياً وشعرياً ونثرياً أيضاً مما جعل هذه الأسماء تحظى بمتابعات كبيرة من قبل متذوقي الأدب والشعر والنثر والقصة, ولعل تواجد أسماء مثل مسفر الدوسري وعبدالله الصيخان، ومحمد حسن علوان وسعدية مفرح وفهد دوحان وغيرهم من الرموز الأدبية والشعرية في الفيس بوك أو تويتر، يمنح المواهب الشابة فرصة ثمينة لتقديم نتاجها الأدبي دون خجلٍ أو مواربة, ولعلي هنا أستشهد بظاهرة وجود أسماء نسائية شابة تقدّم من خلال صفحاتها جملاً أدبية راقية تحمل في طياتها الكثير من الجمال, وأذكر هنا على سبيل المثال وليس الحصر أسماء مثل غادة تركي وشذى آل نايف ومي محمد وريما الحربي ونوف التركي و»كذبة إبريل» وحلم الطفولة. إن هذه الأسماء قادرة وبجدارة على أن تتصدر المشهد الأدبي والثقافي بفضل التواجد المكثف من خلال شبكات التواصل الاجتماعي طالما حافظت على زمام الحرف بعيداً عن أعين الانغلاق الفكري الذي ترسمه أحياناً وسائل الإعلام دون قصدٍ منها.