يا شيخ قل للبدو عنا يشدون نبغي نقطب جونا بالزروعي فيها نعيش عيالنا لا يضيعون والعجز صرتها علينا تروعي ولو بغينا ديرةٍ ما يناوون يا شيخ قلت حيلتي وا فجوعي فإن جوا على عيرات الانضا يحثون ضيفاتهم يركب لهن المتوعي الى ولموهن في صحونٍ ينادون متبجحينٍ بالقرا عقب جوعي وانتم على هجنٍ وخيلٍ تعنون وارزاقكم وان حضبن الجموعي واضعانكم به كل فنٍ تسوون يركب عليها كل بيضا فروعي والى بغيتو ديرةٍ ما تعوقون تشيلكم محنيات الضلوعي والعفو ما احلا قفرةٍ به تضحون وقطعانكم يا شيخ بيضٍ رتوعي وصاح الصياح وهج طرشٍ على الهون وغرق المصيح هم جته الفزوعي ولحقوا زعيمتهم وقاموا يثارون هم اوردوا والله عليه الطلوعي والى بعضهم طايحينٍ يونون والى القلايع والمساوق رتوعي وانا عرفت الحق مني إلى دون يا شيخ قومه صار حظي خموعي والا انت تعطي الخيل ما كنها لون وتعط الركاب ولا يجي به رجوعي اليوم نطلب رفدة لا تشحون قل جتك ما طول الخلايق سموعي الشاعر: قدران الغريري من شعراء القرن الثالث عشر الهجري ومن أهل بلدة نفي في عالية نجد. دراسة النص: اعتمدت هنا على ما جاء في مخطوط الصويغ والذي يعد من أقدم مخطوطات الشعر الشعبي وقد نسب النص إلى قدران الغريري بعد نصين للشاعر يمتدح فيهما الشيخ الحميدي الدويش، ولكن جاء عند منديل الفهيد في كتاب من آدابنا الشعبية"هذه أبيات لبنت أمير صبيح لها مناسبة كان الشيخ ابن هذال قبل نزوحهم من نجد قاطنين عندهم وحان وقت الفلاحة والماء مشروب من كثرة الأدباش وأمير صبيح استحى من الشيخ حتى لا يبين له حاجتهم بالفلاحة لأن معيشتهم على الله ثم على الفلايح فقالت البنت هذه الأبيات تبين لهم ما حدث وعندما سمعها الشيخ شدوا إلى غيره فقالت: يا شيخ قل للبدو عنا يشدون نبي نقطب جونا بالزروعي نبي انسقم غوشنا لا يضيعون الغوش لجتهم علينا تروعي انتم لكم جيشٍ وخيلٍ تعنون وارزاقهم لا حظبن الجموعي وانتم الى طاح الحيا له تنوعون فوق الجمال محنيات الضلوعي كم سهلةٍ فيها عصيرٍ تبنون يتلي ضعنكم كل بيضا فروعي". وعند المقارنة بين المصدرين يرجح لدي أن النص للشاعر قدران الغريري من أهل نفي ويخاطب فيها الشيخ الحميدي الدويش في منتصف القرن الثالث عشر الهجري، وليس لابنة أمير بلدة صبيح الواقعة بالقرب من مدينة الرس جهة الشمال الغربي، وأن الشاعر وفقاً لما يلي: 1-أن مخطوط الصويغ من أقدم مصادر الشعر الشعبي في الجزيرة العربية وزمن نسخه في حدود عام 1308ه وقد نسبها للشاعر قدران الغريري بينما رواية منديل الفهيد متأخرة عنه بما يقارب مئة عام. 2-أن مخطوط الصويغ قد أورد النص كاملاً في ستة عشر بيتا بينما منديل الفهيد لم يورد سوى خمسة أبيات مما يدل على جودة وقوة الرواية عند الصويغ. 3-أن أسلوب الشاعر قدران الغريري قد ظهر جلياً على النص عند الصويغ حيث جاء بعد نصين كلاهما يخاطب فيهما الشيخ الحميدي الدويش وبنفس الأسلوب ويكاد يتطابق مع أحدهما في طلب راحلة وتذكر حالة المزارع كما يلي: واعدتن وانا ما جيت في وعيدتي وانا في وعيدتكم شفي الرجا بها امحطه عندك مثل راعي بضاعه متى ما بدا له حاجةٍ منك جابها فيا شيخ أنا ابغي منك ضحوا عطيه الى عاد ضعيفٍ وانت ترجي ثوابها يا شيخ أنا ابغي نضوتٍ تضرب الخلا لا كن ثقاب السيل ملقى البابها عليها الى جتنا نعوش عيالنا وأنا عيشتي بالزرع لا وا سفابها فجاءت هذه الأبيات من النص استكمالاً لما طلبه في نصه محل الدراسة من طلب العطاء ويبدو أن الشيخ الحميدي وعده بذلك عند طلبه حسب هذا البيت: اليوم نطلب رفدةٍ لا تشحون قل جتك ما طول الخلايق سموعي. الفهيد 4-أن النص عند الصويغ ظهرت فيه تفاصيل أخرى متسقة مع السياق المعنوي للنص وتنفي أن تكون الشاعرة امرأة ومن ذلك الارتحال وطلب المعيشة وبذل الجهد مع سوء الحظ ومن ذلك قوله: ولو بغينا ديرةٍ ما يناوون يا شيخ قلت حيلتي وا فجوعي وقوله: وأنا عرفت الحق مني الى دون يا شيخ قومه صار حظي خموعي وبالنظر للنص نجد أنه يمثل نصا اجتماعيا مهما عن حقبة زمنية سابقة يعكس للباحث صورة واضحة الأبعاد عن حياة حاضرة نجد وباديتها وعلاقتهم مع بعض وتنظيم اجتماعهم على موارد الماء ويصف أسلوب معيشتهم بدقة، حيث بدأ الشاعر طالباً من شيخ القبيلة أن يأمر قومه بالرحيل عن أرضهم، ويبدو أنهم تأخروا في البقاء رغم انتهاء وقت الصيف الذي هو موعد رحيلهم، ويكون وقت حرث الأرض وزراعتها ليتمكنوا من جني المحاصيل التي يعتمدون عليها في معيشتهم حتى لا يهلك أولادهم الصغار والنساء كبيرات السن اللائي صوتهن يشعره بمدى الفاجعة عندما لا يجدن طعاماً يؤكل، ولو أراد الشاعر الرحيل بهم فلا يستطيع ذلك فقد ضاقت به الحيلة، وكأنه يشير إلى عدم ملكه للرواحل، ومع ذلك فإن أهل القرية إذا قدم عليهم الضيوف الذين يغذوا السير على ركائبهم من الصحراء فهم يظهرون أدوات الطبخ ويولمون لهم الطعام الذي يجعلهم يفرحون به بعد أن مسهم الجوع، بينما البدو يمتطون الإبل والخيل ويكتسبون رزقهم من شن الغزوات، فتسير ظعائنهم وعليها النساء البيض الجميلات قاصدة الديار التي يرغبون دون أي عائق بل تحملهم الجمال الضخمة المقوسة الأضلاع وليس أجمل من أن ينزلوا وقت الضحى في الأرض التي يكسوها العشب والخالية إلا من قطعان الإبل البيضاء المنتشرة في المرعى، ثم يصف حالة هجوم مباغت على تلك القطعان من غزاة آخرين وكيف يرتفع صوت الرعاة بالصراخ طلباً للنجدة التي يصاحبها حالة هروب متباطئ من القطيع وكيف أن فرسان القبيلة يهبون لنجدة قطيع الإبل وإنقاذه من الغزاة وهم يرفعون أصواتهم بما يثير فيهم الحماسة ويشهرون عزوتهم التي ينتسبون لها فيخوضون معركة تنتهي على أنين بعض جرحى الغزاة الملقين على الأرض واستلاب خيلهم وبقاء قطيع الإبل مستقراً في المرعى بلا خوف، ثم أن الشاعر يشتكي من سوء حظه ويمتدح الشيخ بكرمه الذي يهب الخيل والإبل وكأنها لاشيء عنده رغم قيمتها الثمينة ولا يرجع في عطائه ويطلب منه أن يهبه أعطية أمام نظر وسمع الناس. نص قدران في مخطوط الصويغ