ما هو أكبر مسببات الموت في العالم؟؟ ليست الحروب، ولا الأمراض الوبائية ولا السيول.. إنه الجوع!! نعم فرغم كل ما نعيشه من تقدم تقني وعلمي فلا يزال الجوع يحصد من أرواح البشر أكثر من ضحايا الإيدز والملاريا والسل مجتمعين... مقالة اليوم تناقش الآليات لنصل لعالم بلا فقراء.. ونبدأ من السؤال:" ما أهمية الحرب على الفقر؟". هنالك الكثير من الأسباب ومنها: 1) يموت 22 ألف طفل يومياً حول العالم بسبب الجوع ، 2) لا يملك 870 مليون شخص حول العالم طعاماً كافياً ليتناولوه، 3) يموت مليونا طفل سنوياً بسبب عدم قدرتهم على شراء أدوية لأمراض يمكن علاجها كالإسهال والسل نتيجة الفقر. ومع هذه الحقائق قد نفهم تماماً معنى مقولة الفيلسوف اليوناني (أرسطو): "الفقر هو أبو الثورة وأبو الجريمة!!". إذن نأتي إلى السؤال الأهم وهو كيف يمكن أن نقضي على الفقر؟؟ ننطلق إلى غابات الأمازون حيث كانت البرازيل تعاني من تفشي الفقر والمجاعات. وسط هذه التحديات وفي عام 2002م تبنى الرئيس الجديد (لويس دا سيلفا) أو "أبو الفقراء" كما يسمونه سياسات جديدة تمثلت في استحداث برنامج دعم حكومي لتحسين الأوضاع الاجتماعية للعوائل الفقيرة بتأمين حد أدنى من الدخل كإعانات تصل إلى 160 دولار أمريكي تقريباً مما أسهم في إخراج 20 مليون برازيلي من خط الفقر. وأنفقت البرازيل على هذا البرنامج ما يقارب 34 بليون دولار أمريكي تم تأمين جزء كبير منها عبر برنامج ضرائب خاص على الأفراد والمؤسسات. واشترطت الحكومة على العوائل المستفيدة أن يسمحوا لأبنائهم بمواصلة تعليمهم.. وجهتنا التالية في فرنسا حيث اتفقت مجموعة من الدول في عام 2006م على تخصيص صندوق لمساعدة المحتاجين يقوم على التبرعات المحددة في عمليات الشراء ضمن مبادرة أطلق عليها "وحدات التبرع (Unitaid)". وتم فرض يورو واحد على كل تذكرة في الدرجة السياحية و40 يورو على كل تذكرة في الدرجة الأولى على جميع الرحلات المغادرة من الأرض الفرنسية. ونتيجة لذلك تم جمع ما يقارب ملياري دولار أمريكي تستخدم في بناء المستشفيات في الدول التي تعاني المجاعات. كما تتفاوض هذه المؤسسة لتخفيض أسعار الدواء ونجحوا في تخفيض أسعار بعض الأدوية 80% وتوفير علاجات لحوالي 700 ألف طفل ولدوا مصابين بمرض الإيدز وغيرها الكثير. المحطة التالية في أمريكا حيث اعتمد برنامج مساعدة للمكملات الغذائية (SNAP) يتمثل في بطاقات مدفوعة تصل إلى 100 دولار للفرد لشراء الغذاء والاحتياجات الضرورية ولا يسمح استخدامها لشراء السجائر والكحوليات. وفي عام 2004م وصل عدد المستفيدين من البرنامج إلى 22 مليوناً وتضاعف العدد عام 2013م ليتجاوز 47 مليون مستفيد. وأخيراً، يقول الميلياردير (بيل جيتز) صاحب المبادرات في مساعدة الفقراء:" لن تبقى دولة فقيرة في العالم عام 2035م!". وأتساءل: أليست أمتنا الأَولى بأن يكون لها قصب السبق والمبادرات في الحرب على الفقر والجوع ليس بين المسلمين فحسب بل وللبشرية جمعاء؟ وكما نعتز بتجربة بنك الفقراء للعالم البنغلاديشي المسلم (محمد يونس) وتجربة هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية وتجربة البنك الإسلامي للتنمية والذي تعد المملكة العربية السعودية أكبر الممولين لبرامجه وغيرها من التجارب الرائدة فنحتاج لابتكار أساليب جديدة لنسهم ببناء عالم أكثر سعادة وسلاماً لبني البشر. وقد يكون من الجيد تطبيق فكرة (وحدات التبرع) على جميع الرحلات القادمة والمغادرة للمملكة بواقع خمسة ريالات عن كل تذكرة سياحية ومئة ريال للدرجة الأولى لتنفق في مساعدة المحتاجين....وأختم بمقولة الزعيم الهندي (غاندي) :" الفقر هو أسوأ أشكال العنف!".