كثيرا ما نعتقد مخطئين أن الحب هو أهم عنصر للاستمرار في أي علاقة! لا سيما العلاقة الزوجية. ولكني أؤمن أن الالتزام هو أهم من الحب. الإنسان عندما يقيم علاقة مع إنسان آخر من المهم أن يستشعر قيمة العلاقة ومسؤوليتها والتي تعني عدم التهاون أو الاستخفاف أو التحايل على الطرف الآخر، بل الوفاء والإخلاص معه أياً كانت الظروف ومهما حصل للطرف الآخر من أمور ربما تزيد الحياة صعوبة معه وتغير طريقة الحياة بقربه، فلا تعود كما هي مرة أخرى كما كانت سابقاً. تذكرت هذا الكلام وأنا أشاهد خطيبين أمريكيين عزما على الزواج. وقبل أن يتم، تعرضت الفتاة إلى حادث جعلها مقعدة. ومع ذلك استمر معها خطيبها وهو بنفسه من يأخذها إلى جلسات العلاج الطبيعي. وهو الذي أصر على إتمام الزواج بها برغم ما حدث لها. وبالفعل تم حفل الزفاف وهي بالكاد تسير وبمساعدة زوجها النبيل. وأتذكر أيضا قصة رجل داوم على زيارة زوجته المصابة بمرض الزهايمر والبقاء معها طويلاً بعد أن تعذر عليه أن يعتني بها في البيت. وعندما سألته الممرضة لماذا لا يذهب ليرتاح وهو يمضي الساعات الطوال بجانب زوجته والتي لا تعرفه ولا تتذكر شيئاً عن زوجها ولا تدرك حتى أنها كانت متزوجة. فأجابها بحنان بالغ: زوجته لا تعرفه صحيح، ولكنه يعرفها ويتذكرها ويتذكر كل ما عملته من أجله! لهذا أقول إن الالتزام مهم والوفاء مهم. ليست الحياة رحلة جميلة وإنما هي رحلة يتعرض الإنسان فيها لكثير من الصعوبات والتحديات. وبناء على ذلك فالعلاقة والارتباط مع طرف آخر تتضمن وجوب الاستمرارية معه مهما مرض أو أصابته إعاقة أو أزمة مالية الخ. وربما يكون خذلان الزوج لزوجته أو العكس وقت المحن والمصائب أكثر إيلاماً وأشد وطأة من المصيبة نفسها!!. وكأن الشخص قليل الالتزام يترك الطرف الآخر وحيداً وفي منتصف الطريق لمجرد أنه غير قادر، أو هو من الأنانية التي تمنعه من مساعدة شريكه ودعمه في محنته!. علينا معرفة أن الحب لا يسمّى حباً إلا في حالة وجود (الالتزام). كما في نظرية العالم ستيرنبرغ Sternberg والتي تعرف باسم مثلث الحب Love Triangle Theory إذ يرى أن الحب الكامل لا بد له من توفر ثلاثة عناصر وهي: الحميمية بمعنى الإحساس بالقرب والرغبة في الارتباط الوثيق بالآخر، والعاطفة والتي تتضمن المشاعر الرومانسية والتجاذب الجنسي، والالتزام والذي يسميه ستيربنرغ أيضاً القرار. ويعتبره العنصر العقلاني الذي يجب أن يتحكم فالعلاقة على المدى القريب من خلال قبولها والشروع فيها، وعلى المدى البعيد يتضمن الالتزام بها ودوامها في المستقبل. تذكرت أحدهم وهو يبرر زواجه لكون زوجته الأولى مصابة بالسرطان وهو يحتاج زوجة تعتني به وليس العكس!!والغريب أن من حوله مؤيد له! سؤالي لو كان الوضع بالعكس وهو من كان يعاني من المرض، هل ستتركه زوجته وتطلب الطلاق مثلا؟؟ووقتها هل سيبارك لها المجتمع خطوتها كما يبارك للرجل؟ أشك في ذلك؟!.