أعلنت المملكة وأشقاؤها وأصدقاؤها الحرب على الإرهاب والجريمة. لم تكن الشعوب الإسلامية والعالم المتدين ينتظر لحظة أفضل من هذه. المشترك الإنساني والأخلاقي بين الشعوب لا حدود له. الهمجية غير مقبولة في عالم اليوم. الإنسان أياً كان جنسه أو دينه أو لونه له كرامته ومكانته التي منحها الله له. مهما بلغت الحروب بين الشعوب من ضراوة وعنف تبقى وفيّة لتقاليدها الأخلاقية التي نسميها الفروسية. التعامل الإنساني مع الأسرى، احترام الضعفاء، حماية أعراض الناس والممتلكات الخ. بديهيات تولد مع الإنسان ولكنها تؤطر في قوانين وتوضع على الورق ردعا لمرضى النفوس. ما قام به تنظيم داعش والنصرة وجيش الإسلام عار على الإنسانية. التخلي عن الشرف الإنساني وقيم الضمير لم يعد ثمة مجال لإخفائه فما بالك بأناس يتفاخرون به. لا تسمح دولة يقوم وجودها على قيم أخلاقية أن تتفرج على ما يجري في سورية والعراق. القضية ليست سياسية وليست صراعاً مذهبياً ولا حتى أطماعاً دنيوية كما يحدث كل يوم بين البشر. القضية تحد صارخ لكرامة الإنسان ولقيم وجوده. هؤلاء المجرمون ينتسبون إلينا بحكم الدين وينسبون أفعالهم إلى الدين فأصبح كل ما يفعله هؤلاء تحت مسؤوليتنا. لا يمكن للمملكة أن تقف متفرجة أو حائرة وهي ترى الدين الإسلامي ينتهك فضلاً عن القيم الإنسانية. إذا أضفنا إلى المجازر والبشاعات والإذلالات التي أشاعتها داعش والنصرة وجيش الإسلام في كل أرض وطؤوها سنجد أنفسنا أمام بؤس الشعب السوري. تخريب تطلعاته وتشريده من أرضه وتفكيك أسره. داعش والشياطين الأُخر أصبحوا تاريخاً. شهران أو ثلاثة ويختفون من أسماعنا وأبصارنا وإن كانوا سيبقون جرحاً عميقاً في ضمائرنا. لا شك أن عدداً من المجرمين سيفلتون من الموت وسيعودون إلى الأوطان الذين جاءوا منها مشحونين بحقد مزدوج. الحقد الأصيل الناشئ من طبيعة أرواحهم المريضة والحقد الجديد الناشئ من تحطيم دولة الجريمة التي أقاموها. من حسن الحظ المملكة أنها تمتلك تجربة كبيرة في التعامل مع هؤلاء وأذاقتهم طعم الهزائم المتلاحقة. لن يجدوا مجالاً يتحركون فيه. يفترض الآن مسح الدرجات. يجب ألا نوفر أي مساحة بين الحرب على هؤلاء وبين التسامح معهم. القضية لا يوجد فيها رمادي. يا أسود يا أبيض. أما أن تكون مع بلادك ومع شرفك ومع كرامة الإنسان أو أن تكون مع داعش. بدون مساومات أو مماحكات أو تخريجات. داعش ليس لها قضية تخصنا. قضية داعش هي إقامة خلافة حسن الصباح زعيم الحشاشين. لم تفلح في أفغانستان فانتقلت لليمن ولم تفلح في اليمن فانتقلت إلى مالي ولم يحالفها الحظ في مالي وها هي تعلن الخلافة المزعومة في سورية والعراق ونيجريا. لا علاقة لها بالصراع في سورية ولا علاقة لها بالصراع المذهبي التاريخي ولا علاقة لها بالإطاحة ببشار الأسد.. لا يوجد لداعش والنصرة أي قضية مشتركة مع البشر. هؤلاء خرجوا من بشريتهم. لم يعد بيننا وبينهم غير الخلاص منهم. هؤلاء قوة تدميرية تنفرز من المجتمعات الإنسانية بين فترة وأخرى كما يطهر الجسد نفسه من السموم. كل من يربطهم بقضية أو يبحث لهم عن أسباب أو يشترط ضربهم بضرب تنظيمات أخرى هو مؤيد خفي لهم.