أحد الآباء الغاضبين في ولاية منسوتا اقتحم متجر تارجيت وتعارك مع المسؤولين فيه لسبب غريب.. فقد اكتشف أن هذا السوبر ماركت الذي ينتشر في كامل أمريكا كان يرسل لابنته المراهقة دعايات وتخفيضات خاصة بمستلزمات الحمل والولادة والأطفال الرضع.. المتجر من جهته قدم اعتذاره لعائلة الفتاة قبل أن يعود الأب بعد ثلاثة أيام فقط ويعتذر من المتجر حين اكتشف أن ابنته البريئة كانت حاملاً بالفعل!! ... كان المتجر يعرف أن الفتاة حاملاً قبل عائلتها... كان يعرف من خلال برنامج خاص بتحليل عادات التسوق لدى عملاء المتجر.. ففي كل مرة تحضر الفتاة لوحدها كانت تشتري أشياء خاصة بالحوامل كحبوب الغثيان وكريمات تشقق البطن في حين توقفت تماماً عن شراء الفوط النسائية.. وهكذا استنتج "برنامج تصنيف العملاء" أن الفتاة حامل فأصبح يبعث إليها تلقائياً رسائل الكترونية وكوبونات تخفيض خاصة بالنساء الحوامل ومن يستعددن لاستقبال مولود جديد!! وهذه الحادثة مجرد أنموج لأسلوب الشركات الحديثة في تسويق منتجاتها بما يلائم حاجة كل زبون على حدة.. فالدعايات التقليدية تُبث على الجميع ولا تلفت انتباه 90% ممن يرونها. ولهذا السبب ظهر أسلوب الدعايات الموجه لكل فرد بحسب اهتماماته واحتياجاته الشخصية؛ فإن كنت تنوي السفر ستهتم حتما بإعلانات الطيران المخفض، وإن كنت تبني منزلاً سيلفت نظرك سيراميك بجودة أفضل، وإن كنت على وشك الزواج ستحتفظ بالإعلان الخاص بتقسيط الأجهزة المنزلية... وفي حين يصعب فعل ذلك على الصحف والقنوات التلفزيونية، يسهل توجيه الإعلانات "المخصصة" من خلال مواقع الإنترنت.. أو تحليل عادات المستهلكين (كما حدث مع فتاة منسوتا). وكان موقع جوجل أول من طبق هذه الفكرة على نطاق واسع.. ففي بداية إنشائه رفض سيرجي برين فكرة وجود إعلانات في صفحة البحث كي لا تصبح منفرة كبقية المحركات (وهذا سر الصفحة البيضاء في جوجل).. ولكن كيف يمكن لأي موقع مجاني الاستمرار دون إعلانات تضمن له دخلاً ثابتاً ومستقراً.. وللخروج من هذا المأزق قال لاري بيج (شريك سيرجي في جوجل) إنه سمع عن برنامج خاص ابتكره أستاذ جامعي يبث الدعايات بحسب اهتمامات كل مستخدم على حدة.. وتم بالفعل شراء البرنامج وأصبح جوجل يوجه دعايات مبطنة من خلال إبراز مواقع مدفوعة الثمن تتوافق مع كلمات البحث ذاتها (بالتأكيد لاحظتها على يسار أو مقدمة الصفحة).. والجميل بهذه الطريقة أنها تتواءم مع احتياجاتك البحثية وبالتالي لا تتضايق كثيراً من وجودها رغم علمك أنها دعايات مدفوعة الثمن.. وكنت شخصياً قد لاحظت هذه الميزة في موقع أمازون منذ عام 2000.. فبمجرد شرائي للكتاب (ولنفترض أنه كتاب سياحي عن برلين) يعرض لي كتباً مشابهة أو تتعلق بمدن قريبة مثل هامبورج وفرانكفورت وميونخ أو حتى سالزبيرج في النمسا.. ولأن الموقع علم بنيتك على السفر يبعث إليك بين الحين والآخر إيميلات تخبرك بوجود منتجات أو كتب جديدة ظهرت بهذا الشأن... والأدهى من هذا وكما لاحظت في السنوات القليلة الماضية أن مطاردة المستهلك تتم حتى أثناء تصفحه للمواقع الأخرى.. فحين تحجز فندقاً (من موقع واحد وخاص بالفنادق) ستفاجأ بظهور إعلانات سياحية في مواقع أخرى (ليس لها علاقة بالسياحة والفنادق) تتعلق بالمدينة التي تنوي زيارتها الأمر الذي يؤكد تبادل المواقع لمعلومات وعادات المستهلكين!! باختصار شديد؛ أصبحنا نعيش في زمن تعرف فيه عنك الشركات والمواقع الإلكترونية كل شيء.. ليس فقط أين تعيش وماذا تتسوق، بل وماذا تحب وترغب وتنوي عمله في المستقبل.. وكلما تعاملت معها أكثر كلما عرفك أكثر وبدأت بتخمين اهتماماتك ورغباتك وأين تفضل قضاء إجازتك القادمة.. إجازتك التي لم تخبر بها حتى زوجتك وأقرب الناس إليك!!