أعلنت الولاياتالمتحدةالأمريكية الحرب على ما يسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام وهي تعتقد أنها ستقضي عليها كما توقعت أن تصفية أسامة بن لادن ستضعف القاعدة، وهي مستمرة وحلفاؤها في هذا النهج الذي لم يجد نفعا عبر السنين، وها هو الجيل الثالث من القاعدة يظهر بصورة جديدة، وحتى لو نجحت في القضاء على داعش فستظهر داعش أخرى بثوب آخر طالما أن الظروف وعوامل الفقر والجهل والتهميش والتعصب والعنف والشعور بالدونية التي تنتج التطرف متوفرة في بيئات كثيرة من عالمنا، وطالما أن التوجه التكفيري الإقصائي قائم، ولا يوجد ما يواجهه على المستوى الفكري والعقائدي. كان الفكر المتشدد بحاجة أن يواجه بفكر ديني منفتح متطور قادر على طرح حلول لقضايا العصر، ومشكلات المجتمعات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فكر يجمع الناس ولا يفرقهم، ينطلق من رغبة حقيقية في التغيير والإصلاح، بعيدا عن الممالأة والنفاق، فكر يعبر عن أشخاص لا يرتزقون بالدين، ولا يتهافتون على الدنيا، فكر جاد لا يتلهى بالأمور الهامشية والشكليات والفتاوى التي عطلت الفكر والإبداع أزمنة طويلة، فكر يعلي قيمة الإنسان، ويحمي كرامته وحريته، ويحفظ حقوقه وحياته ويرفع الظلم عنه، وهذا من أعلى غايات الدين. لقد انتُهكت كرامة الإنسان، وحرم بكل سهولة حقه في الحياة التي منحها الله له، وضُيق عليه في عيشه، وما الصور البشعة المخيفة لذبح الناس، ومناظر الأجساد المقطعة والمشوهة التي نشاهدها كل يوم إلا انعكاس للمستوى الذي وصلت إليه قيمة الإنسان في مجتمعاتنا، وهو المخلوق الذي جعله الله خليفة له في الأرض وقال عنه في كتابه: «ولقد كرمنا بني آدم، وحملناهم في البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات، وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا» وجعل قتل النفس بغير حق قتلا لجميع الناس، فأين شرف الإنسان وفضله وتكريمه على بقية الخلق وهو يقتل جنينا في بطن أمه، أو يحرق حيا، أو يقتل ويدهس ويجرف كالقمامة؟ والمصيبة أنه يقتل من بني جلدته، لذلك لم تعد إسرائيل تجد حرجا في قتل الأطفال والشيوخ، وهدم المنازل على رؤوسهم لأنها تعرف أن الدم العربي لا ثمن له، وقيمة الإنسان في مجتمعاته رخيصة، فمن يهن يسهل الهوان عليه، في الوقت الذي ينهار جنودها بالبكاء لفقد زملائهم ومن حقهم أن يحزنوا، ولكن ماذاعن الذين سلبت حياتهم بدم بارد؟ ألا يستحقون الحياة مثلهم؟ أم أن أمانيهم في الحياة والكرامة من تراب؟ دروس التاريخ لا يجب أن تنسى، وإلا ستتكرر الأخطاء والمآسي، ومن القواعد التي حفظناها ونحن في المدارس أن لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومضاد له في الاتجاه، وأن المقدمات الخاطئة تقود إلى نهايات خاطئة، وأن ما نزرعه اليوم نحصده غداً.