الوطن، هو موطن الإنسان ومحله، والمكان الذي يسكن ويقيم فيه، وحبه غريزة فطرية، ومبدأ أثبته القرآن الكريم من خلال معادلة بين الوطن والحياة، قال تعالى: (ولو أن كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم ما فعلوه إلا قليل منهم ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيراً لكم وأشد تثبيتاً)، ويبرهن على ذلك التقدير والتعظيم حنين النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكةالمكرمة عندما أخرج منها، فقال بعد أن التفت عليها (والله إنكِ لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت). أما الوطنية، فهي شعور عاطفي بحب الوطن والبلد الذي يعيش فيه الإنسان، وهي مطلب مهم يقاس في ضوئه مدى انسجام أفراد المجتمع وتقدمه، وقدرتهم على تحقيق أهدافه وتطلعاته، من خلال اندماج اجتماعي بين شرائح المجتمع كافة تحت حكم واحد، والتي تسهم في تحقيقها وغرس مفاهيمها مؤسسات المجتمع المختلفة، بأساليب مباشرة وغير مباشرة. والوحدة الوطنية في مملكتنا الحبيبة هي اتحاد أبناء المملكة العربية السعودية في الدين واللغة والتاريخ تحت راية حكم واحدة، وولي أمر شرعي واحد - الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله-. والأمن والأمان، إحساس بالطمأنينة والاستقرار وزوال الخوف، وهو منظومة قيمية للوجود الإنساني، أكد ذلك القرآن الكريم في قوله تعالى: "الذي أطعمهم من جوعٍ، وآمنهم من خوف". ومن هُنا، فإن مطلب الأمن للإنسان من أولى شروط الحياة الكريمة للأفراد والمجتمعات. ووجوده يكفل وجود المجتمع الواحد والموحد والمتكامل والمتجانس، والقادر على إحراز التقدم والتطور، ومواجهة التحديات والعقبات، الداخلية والخارجية على حدٍ سواء، مهما كانت تلك التحديات والعقبات. وفي ظل الظروف الخطيرة والمتسارعة والحساسة والتطورات الخطيرة التي تمر بها الدول العربية والإسلامية من حولنا, تتأكد أهمية تمتين الجبهة الداخلية ورص الصفوف وتقوية أسباب الوحدة الوطنية, إذ هي من أهم الخيارات الحيوية والفاعلة التي نستطيع من خلالها مجابهة التحديات المحيطة بنا. وإننا إذ نستذكر ذكرى اليوم الوطني لمملكتنا الحبيبة، الذي سجل فيه التاريخ مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة البطولة التي قادها المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - على مدى اثنين وثلاثين عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض، في الخامس من شهر شوال عام 1319ه الموافق 15 يناير 1902م، فإننا نهيب بجميع مكونات المجتمع الوطني إلى ضرورة الاجتماع والانفتاح والتواصل مع بعضهم, ذلك من أجل تمتين الجبهة الداخلية، وتعميق خيار التوافق، وتجذير أسباب الوئام والالتحام الوطني، لتتحول كل الجهود والطاقات صوب تحقيق الوحدة والوطنية, وذلك من أجل حمايتها وتعزيزها، لتبقى هذه الوحدة الوطنية المستندة إلى قيم ديننا وعروبتنا وأخلاقنا, هي الأرض الصلبة التي تحقق أمن الوطن والمواطن وتتكسر على مشارفها كل المؤامرات الداخلية، ومخططات أعداء الوطن الخارجية. أخيراً: يدرك عقلاء المجتمع وعامته أنه يحيط بنا العديد من المخاطر والمخاوف، التي تهددننا وتهدد أمن وطننا، والوحدة الوطنية، والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد مع قيادتهم وحكومتهم، تؤدي إلى تحقيق أمن الوطن والمواطن.