حلت أمس الاثنين بالعاصمة الجزائر، في زيارة قصيرة تستغرق يوما واحدا هي الأولى من نوعها منذ أكثر من عقد كامل، البارونة سايمونز، وزيرة الدولة البريطانية للخارجية المكلفة بالشرق الأوسط والأمن الدولي. وكان في استقبال البارونة بمطار الجزائر الدولي، وزير الدولة وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بلخادم الذي أدلى بتصريح للصحافة قال فيه بشأن الزيارة انها تدخل في إطار ديناميكية الاستئناف الشامل للعلاقات الجزائرية البريطانية التي عرفت في السنوات القليلة الأخيرة تطورا نوعيا، فيما اعتبرت البارونة سايمونز، الزيارة محطة أساسية في ترقية العلاقات الجزائرية البريطانية وعرض مختلف مجالات التعاون الثنائي وتطوير الحوار السياسي بين البلدين، خاصة وأن بريطانيا أبدت رغبة واضحة في تطوير علاقاتها مع الجزائر بدءا بعودة بريتيش آرويز لمطار الجزائر، وتحول الجزائر خلال السنوات المقبلة إلى أحد أهم مصادر الطاقة للمملكة المتحدة مع دخول العقد الغازي بين سوناطراك وبريتيش بتروليوم حيز التطبيق هذه السنة. وحسب مصدر من وزارة الخارجية الجزائرية، فإن الزيارة التي تقوم بها البارونة سايمونز، التي ترأس بلادها منذ بداية السنة الجارية مجموعة الثمانية، وتستعد لاحتضان قمة المجموعة في الأسبوع الأول من يوليو المقبل، حيث ستكون إفريقيا الموضوع المحوري إلى جانب قضايا الحرب الدولية على الإرهاب.. تأتي في سياق الجهود المشتركة المبذولة بين عدد من دول الشمال الإفريقي، وبلدان الضفة الجنوبية من البحر المتوسط وأوروبا، لمواجهة شبكات الإرهاب ومكافحة خلاياه النائمة، عبر الرقابة وتشديد الخناق على شبكات الهجرة السرية. وقال المصدر ان الزيارة من شأنها التمهيد لتوقيع البلدين على اتفاقيات ثنائية للتسليم والاستلام تفتح صفحة جديدة من التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الجزائر وبريطانيا، التي يوجد فوق أراضيها عدد كبير من رؤوس الجماعة الإسلامية المسلحة «الجيا» الذين صدرت في حقهم أوامر دولية بالقبض عليهم من قبل محاكم جزائرية بالأخص أولئك المتورطين في أعمال إرهابية لكنهم يستفيدون من حق اللجوء السياسي، وجلهم يتمتع بالجنسية البريطانية التي تحميهم من الملاحقات القضائية. ومن شأن هذه الزيارة، التي سبقتها زيارة نوعية أخرى قام بها رئيس منظمة الشرطة الدولية «أنتربول» جاكي سيليبي للجزائر قبل ثلاثة أشهر، عرض خلالها على السلطات الجزائرية المختصة مساعدة مصالحة للقبض على أكثر من 140 جزائريا موضوع أمر دولي بالقبض، من بينهم 100 متابع في قضايا ذات صلة بالإرهاب، بناء على أوامر صادرة عن العدالة، سواء في الجزائر أوفي بلدان أجنبية خاصة فرنسا وإسبانيا وإيطاليا وبريطانيا وتونس، من شأنها أن تعزز التقارب الحاصل في العلاقات بين الجزائر وبريطانيا منذ عودة بريتيش آرويز إلى مطار الجزائر الدولي بعدما هجرته العام 1994 لأسباب أمنية تتعلق بالعشرية الدموية، بعدما ظلت العلاقات بين البلدين طيلة سنوات التسعينيات تعرف جمودا وبرودة غير مسبوقة على خلفية اتهام الجزائر لبريطانيا بتحولها إلى قاعدة خلفية للإرهاب، بعدما سمحت لعشرات المطلوبين لدى الجزائر من الإرهابيين بالنشاط فوق أراضيها، واستخدام وسائل الإعلام البريطانية لانتقاد الحكم في الجزائر، وتحرير وطبع وتوزيع منشورات تحرض على التمرد على الوضع في الجزائر، والسماح لهؤلاء بتظيم مسيرات وتظاهرات تحمل شعارات مناهضة للسلطة في الجزائر. هذا وكانت وزيرة الخارجية البريطانية المكلفة بالشرق الأوسط والأمن الدولي، التقت نهاية جوان 2004 بالعاصمة البريطانية لندن، بوزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بلخادم، في إطار مؤتمر نظّمه «مجلس التفاهم العربي البريطاني- كابو» تناول مستقبل العلاقات بين الاتحاد المغاربي ودول أوروبا. وتحدثت وزير الدولة في وزارة الخارجية البريطانية عن أهمية تطوير العلاقات مع المغرب العربي, مشددة على ضرورة تطوير النظم الديموقراطية فيها واحترام حقوق الإنسان والحريات، باعتبارها شروطا ضرورية للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وجاء لقاء البارونة سايمونز ببلخادم بعد مشاركة هذا الأخير في لقاء وزاري ضم خمس دول مغاربية استضافته لندن لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط والتطورات الحاصلة في العراق. واشتمل الوفد المغاربي على وزير الخارجية الجزائري عبد العزيز بلخادم، ووزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى، ووزير الخارجية الموريتاني محمد ولد بلال، والقائم بأعمال المكتب الشعبي (سفارة) الليبي في لندن عمر جلبان، ونائبة وزير الخارجية التونسي سعيدة شتيوي.