تعلو الزغاريد والاغاني خلال حفل زفاف لعروسين في قطاع غزة بعد اكثر من شهر على مشاهد البؤس والتشرد في مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا) التي تؤوي مئات النازحين. ويرقص شبان في ساحة «مدرسة الشاطىء ألف» التي زينت بالورود والبالونات في استقبال العروسين هبة فياض (23 عاما) وعمر ابو النمر (30 عاما) بينما يقرع افراد فرقة موسيقية على الطبول. ويبدو الاف النازحين والسكان متعطشين لاي فرصة للاحتفال، حيث اكتظت المدرسة بمئات النازحين والجيران، بينما اعتلى الاطفال الجدران وراحوا يصفقون مبتسمين. وقال مكتب الاممالمتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية الاربعاء في تقرير ان هناك اكثر من 223 الف نازح فلسطيني في 87 مدرسة تابعة للاونروا في غزة. وترك هؤلاء بيوتهم بسبب القصف الاسرائيلي الكثيف منذ بدء العملية العسكرية الاسرائيلية ضد قطاع غزة منذ 8 من تموز/يوليو الماضي. ولجأت العروس هبة الى مدرسة في بلدة بيت لاهيا بعد تدمير منزل عائلتها في بلدة بيت حانون شمال القطاع بينما اضطر خطيبها عمر للجوء الى مدرسة اخرى غرب مدينة غزة. وتقول هبة بينما تقوم مصففة الشعر بتزينها في صالون للتجميل في شمال قطاع غزة قبيل حفل الزفاف لوكالة فرانس برس «لم اتوقع يوما ان يكون فرحي بهذا الشكل فقد خططت لكل شيء، الاغاني، الضيوف، فستان الزفاف وباقة الورد، وها انا اليوم استعد للزواج في مدرسة تضم الاف اللاجئين». وكان العريسان يستعدان لاقامة حفل زفافهما في منزل والدة العروس في بيت حانون مطلع الشهر المقبل، الا ان الحرب التي شنتها اسرائيل على قطاع غزة في الثامن من تموز/ يوليو ادت الى تدمير هذا المنزل وكل ما فيه من ملابس وزينة وادوات تجميل كانت قد حضرتها هبة لزفافها. وتقول العروس «لو لم اتزوج اليوم بهذه الطريقة، كان علي ان انتظر ثلاث سنوات على الاقل». واضافت «دمر البيت بالكامل، وكل ملابسي احترقت. لم يبق لي شيء منها. الوضع المادي صعب». وتبلغ تكلفة ابسط فرح في قطاع غزة الاف الدولارات ما يشكل عبئا ماديا ثقيلا على غالبية سكان القطاع الفقير. وتبدو هبة فرحة لان زفافها وفر لها فرصة نادرة بالخروج من المدرسة. وتقول هبة باسمة «افضل ما في الموضوع اني ساغادر المدرسة ليومين على الاقل». وترافق نبيلة فياض والدة العروس ابنتها في صالون التجميل وهي تجلس على كرسي متحرك اثر اصابتها بشظايا صاروخ طائرة استطلاع اسرائيلية على منزلهم في العام 2006 حيث اصيبت بجروح بالغة وقتل ابنها براء الذي كان يبلغ تسعة اعوام حينها. وتقول هذه الام التي لم يظهر عليها اي من علامات الفرح «هبة فرحتي الاولى، اشعر بحزن وقهر لانها ستتزوج في مدرسة اونروا، كنت اريد لها حفلا افضل من هذا وفي ظروف افضل». ويقف العريس عمر على باب الصالون وحيدا في انتظار عروسه ويقول لفرانس برس «عائلتي ليست هنا، انا وحيد في غزة، لا يهمني الناس والحفلات، انا سعيد لاني ساتزوج من هبة اخيرا». ويامل هذا الشاب العاطل عن العمل ان يتمكن من اصطحاب زوجته والسفر عبر معبر رفح البري على الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع مصر. وتقول هبة بحماسة «سأسافر الى الامارات حيث تعيش عائلة زوجي. سآخذ فترة نقاهة طويلة انسى فيها كل ما عانيته في الحرب وابدأ حياة جديدة مع عمر».