بعد 18 عاماً من الخطوبة ترتدي العروس رائدة قبها أخيراً فستان الزفاف الذي بقي مؤجلاً طيلة هذه السنوات لأن عريسها ضاهر من مخيم جنين كان قابعاً في السجون الإسرائيلية، قبل أن تفرج عنه (إسرائيل) أخيراً في إطار صفقة تبادل الأسرى وتبعده إلى قطاع غزة. ووصلت رائدة من مخيم جنين إلى مدينة غزة عبر معبر رفح الثلثاء لتجتمع أخيراً بخطيبها ضاهر قبها. وفي أحد صالونات تصفيف الشعر وسط مدينة غزة تقوم رائدة (34 عاماً) بتصفيف شعرها وهي ترتدي فستان الزفاف الذي طالما حلمت به وتقول "أشعر أني في حلم، قبل يومين وصلت إلى غزة واليوم فرحي بعد 18 عاماً من الخطوبة". ومع أن خطيبها الذي ينتمي لحركة حماس كان يواجه حكماً بالسجن المؤبد، فإنها أصرت على انتظاره وتقول "لم أفكر يوماً أن أتركه، كنت أشعر دائماً أنه لن يقضي فترة حكمه كاملة وسيخرج في يوم ما". وتسترجع العروس التي كانت في ال 17 من عمرها حين تمت خطوبتها "ضغط الجميع علي لكي أتركه حين اعتقل وحكم مؤبداً، وطلبوا مني أن ألتفت لحياتي دونه، لكنني رفضت ورضيت بنصيبي وصبرت". وتتابع "كان ضاهر يصبرني خلال زياراتي له في السجن بأنه سيخرج يوماً وسنبني مستقبلنا سوياً، لقد وضعنا كل خططنا المستقبلية من داخل السجن، والحمدلله ها نحن اليوم نحقق أولى هذه الخطط". واكتظ الصالون بعدد من زوجات أسرى محررين بعضهم مبعد أيضاً من الضفة الغربية إلى غزة لمشاركة رائدة فرحتها وتعويضها عن غياب أهلها الذين لم يتمكنوا من الحضور من جنين. وتجلس بجوار العروس صديقتها سهاد الكيلاني (30 عاماً) وهي أيضاً زوجة أسير من مخيم جنين أفرج عنه في إطار الصفقة نفسها وأبعد إلى غزة. وتقول سهاد "جئنا اليوم لمشاركة رائدة فرحتها ولنكون مكان أهلها، ولنحتفل معها فمعاناتنا جميعا واحدة". ولم تكن سهاد أقل صبراً من رائدة، فقد صبرت هي الأخرى 11 سنة على سجن زوجها زيد الذي كان محكوماً بالسجن المؤبد في السجون الإسرائيلية. وتقول "كنت أعلم أنني سأجتمع به في يوم من الأيام ولن يقضي كل فترة حكمه فقررت أن أنتظره وأصبر". وتتابع سهاد التي اعتقل زوجها بعد أسبوعين من زواجهما فقط "خيرني زيد خلال أول زيارة قمت بها إلى السجن الذي كان فيه، بين أن اتركه أو أبقى انتظر، فأخبرته أني سأنتظره العمر كله". وتشعر هذه السيدة بفخر لانتماء زوجها إلى حركة حماس وتقول "أحب وأفتخر بأن يعمل زوجي مع حماس والمقاومة، لا أخشى من عمله لأن ما كتبه الله سيصيبنا". وقالت "أشعر بالأمان هنا في غزة على زوجي، ولو لم يتم إبعاده إلى هنا وأفرج عنه في الضفة كانت (إسرائيل) ستعتقله ثانية، ولم يكن سيتمكن من السفر يوماً من هناك، كان سيكون في سجن كبير". لكن أم محمد وهي شقيقة العريس ضاهر والوحيدة من أخواته التي حضرت إلى غزة لحضور زفاف شقيقها ترغب أن يعود ضاهر إلى جنين وتقول "أتيت لأرى أخي وتركت زوجي وأبنائي في جنين، أشتاق إليهم لكنني غير قادرة على مفارقة ضاهر سريعاً بعد أن انتظرت كل هذه السنوات لأراه". وتضيف "لم أكن أعتقد أن هذا اليوم سيأتي، كان حلماً بعيد المنال أن أرى ضاهر ورائدة يتزوجان". لكن الأمل كان مؤازراً للعريس ضاهر في سجنه ويقول "لم افقد الأمل أبداً، كنت أعلم أنني سأخرج يوماً ما بفضل من الله وهو ما حصل". ويقيم العريسان حفل زفاف إسلامي في أحد الفنادق على شاطئ بحر غزة برعاية إسماعيل هنية رئيس حكومة حماس الذي منح العروسين أيضاً شقة للعيش فيها وسط المدينة.