يبحث الأموات في قطاع غزة عن مأوى لهم تحت الأرض كما يفعل الأحياء فوقها في ظل العدوان الاسرائيلي الوحشي على القطاع والذي حصد مئات القتلى وآلاف الجرحى ومئات آلاف المشردين. ومنذ بدء العدوان في الثامن من تموز/يوليو الجاري استشهد اكثر من 1750 فلسطينيا. الا ان المقابر في هذا القطاع الاعلى كثافة سكانية في العالم لم تكن جاهزة لاستيعابهم. ومع توالي سقوط عشرات القتلى يوميا يضطر اهالي هؤلاء الضحايا لنبش القبور القديمة بحثاً عن قبر فارغ يدفنون ضحاياهم فيه. ووصل العشرات من عائلة رجب في سيارة نقل تحمل جثة ابنهم الذي استشهد في غارة اسرائيلية على سوق الشجاعية الأربعاء الماضي الى مقبرة المعمداني في مدينة غزة. ومع تحليق الطائرات الاسرائيلية في قطاع غزة وقف هؤلاء المواطنون نحو ساعة يفتشون عن قبر لابنهم. ويقول أحدهم ويدعى محمد "في غزة لسنا قادرين على ان نعيش بكرامة ولا قادرين على ان نموت بكرامة. لا مكان لنا فوق الارض ولا تحتها". ويقول عبد كشكو احد المتطوعين في العمل في هذه المقبرة "لا يوجد قبر لهذا الشاب، سينتظرون طويلا قبل ان يجدوا قبرا فارغا له". ويوضح "هذه مقبرة قديمة وغير مستعملة لكن ظروف الحرب هي التي فرض الدفن بها، كل شهيد له قريب مدفون هنا من زمان يتم دفنه في نفس قبر قريبه هذا". وفي الجانب الآخر للمقبرة يقوم شبان بنبش عدة قبور تباعا بحثا عن قبر فارغ لدفن ابنهم. ويقول أحدهم ويدعى والي المملوك "حفرنا اكثر من قبر لكننا وجدنا اطفالا فيها وما زلنا نبحث". ويتابع "أتينا لدفن اخي، لا نستطيع ان ندفنه في المقبرة الشرقية لانها خطرة". وتعتبر المقبرة الشرقية الوحيدة في مدينة غزة التي تتسع لمقابر جديدة الا أنها تقع على الحدود الشرقية لمدينة غزة والتي تشهد تقدما للدبابات الاسرائيلية وقصفاً مدفعياً يحظر على المواطنين الوصول لها. ويقول الشاب محمود السلك "لا نعرف اين ندفن الشهداء، حتى المقابر غير موجودة في غزة". ويضيف أشرف جمعة وهو قيادي في "فتح" ومن سكان مدينة رفح إن قوات الغزو الإسرائيلية تقصف المدينة جواً وبراً وبحراً وإن السكان غير قادرين على التعامل مع الشهداء والمصابين. ويستطرد "المصابون ينزفون في الشوارع والجثث ملقاة في الطرق ولا أحد يقدر على نقلهم.. رأيت رجلاً وقد جلب على عربة يجرها حمار سبعة جثامين للمستشفى.. جثامين الشهداء يتم الاحتفاظ بها حاليا في ثلاجات الآيس كريم (البوظة) وثلاجات تبريد الخضار والزهور".