اضطرت عائلة السلك للتوجه إلى حي الشعف شرق مدينة غزة لدفن أربعة من أبنائها قتلوا في قصف سوق الشجاعية، دفنوا طفلين في قبر واحد قبل أن يغادروا على عجل مع سماع دوي انفجارات جديدة في المنطقة. لا يقتصر التحدي الكبير الذي يواجهه أهل غزة على مواجهة الموت قبل وصوله إليهم، بل يتعداه إلى تحدي ما بعد الموت. فمن بقي على قيد الحياة منهم، أخذ على عاتقه تحمل مسؤولية إيجاد قبر يضم الضحايا. "في غزة لسنا قادرين على أن نعيش بكرامة ولا أن نموت بكرامة، لا مكان لنا فوق الأرض ولا تحتها"، يقول أحد أفراد عائلة رجب وهو يبحث مع أقاربه عن مكان يدفنون فيه ابنهم الذي قتل في غارة إسرائيلية على سوق الشجاعية أيضاً. ومع توالي سقوط عشرات القتلى يومياً، لم تعد مقابر هذا القطاع الأكثر كثافة سكانية في العالم، قادرة على استيعاب الشهداء، ما دفع أهالي الضحايا لنبش القبور القديمة بحثاً عن قبر فارغ يدفنون ضحاياهم فيه، خصوصاً وأن المقبرة الوحيدة التي ما زالت قادرة على احتواء الضحايا تقع على الحدود الشرقية لمدينة غزة وتشهد تقدماً للدبابات الإسرائيلية وقصفاً مدفعياً، يعيق وصول المواطنين إليها.