عاد عيدكم بالخير والمسرات.. ونسأل الله أن يكون العيد القادم خير عيد على وطننا وأمتنا التي رأينا كيف حاربها الأعداء وكيف اصطفّ معهم بجهل أو ضلال بعض أبنائها فامتهنوا العبث في بقية هدوئها وسلامها بمنكرات لاختلاف وفسوق الاحتراب. ولأنها أيام عيد فلا بأس من أن نتذاكر في كيفية إخراج أيام العيد من النمطية وبالتالي إخراج هذه المناسبة عن غاياتها العظمى. فقط لنتذكّر أن المدخل الأساس ليوم العيد هو من باب "العبادات" فالعيد سنّة نبويّة ينبغي أن يُظهر فيها المسلمون الفرح والاغتباط، ويتمتعون بالمباحات ويتبادلون التهاني. وبهذا المبدأ الشريف تنطلق المعاني السامية في إدخال الفرح على الناس (كل) الناس من حولك. كيف يمكن أن نتذكّر في أجواء العيد فئة المهملين الذين لا تكاد تراهم الأعين المشغولة بنفسها وزهوها. هؤلاء الذين لا نكاد نستشعر وجودهم وعادة ما نضعهم على هوامش حياتنا مع أنّهم نقاط ارتكاز سعادتنا وراحتنا على مدار العام. هؤلاء البعيدون القريبون ستجدهم حولك وأمامك ابتداء ممن أسكناهم الغرف الضيقة في زوايا وسطوح منازلنا من العاملين والعاملات وانتهاء بكل أولئك الذين أتوا من كل فجّ عميق يبحثون عن لقمة العيش الآمن في بلادنا. وبالنسبة للعاملين معك فلربما لم تسمح نفسك (والنفس أمّارة) أو منعتك ظروفك أن تساويهم سكناً ومعيشة مع أبنائك وأهل بيتك فها هي مناسبة العيد لتمنحهم بعض نفحاته فتكسب خير الدارين. سيكون عيدك "غير" ان أعدت التفكير في طريقة إداراتك لأيام العيد بدءاً من رسائل التهاني وانتهاء بالزيارات والهدايا. على سبيل المثال حاول وأنت تستعرض قوائم هاتفك الجوّال ألا تستهدف برسائل التهنئة "كبار" الناس وممن تربطك بهم مصالح الدنيا فقط. اجتهد في أن ترسل رسائل التهنئة أيضا إلى الصغار في معايير من لا يعي من الناس. ستجد الكثيرين منهم ولا تنس فئة من "العمّال" الذين ربما احتفظت بأرقامهم "لينجدوك" حين يهجم الغبار أو تفشل أجهزة التكييف أو حتى حين تعجز عن تحريك دوافع أبنائك لمساعدتك في قطع الأشجار حول منزلك. ولا تنس في أيام العيد وأنت تقلّب جوالك أو تتجوّل في قوائمه ذلك العامل الذي يستقبلك كل صباح على بوابة مكتب إدارتك بابتسامة تخفي ما وراءها من سعال وألم في الصدر طالما شكا من شدة تأثيره في سكون الليل والموظفون اللاهون يتندرون عن الأسباب. ولا تنس في أيام العيد أن تنتهز فرصة لتصطحب أبناءك المحظوظين إلى ذلك الحي الفقير الذي نشأت فيه وربما كان أجدادك الكرام يتوارثون ذلك البيت القديم. زر ذلك الحي بأزقته الضيقة وبيوته الصغيرة ولا بأس أن تصطحب معك بعض الهدايا وتمنح أبناءك فرصة الإحساس والعطاء فهذه الأحياء ما زالت تكتظ بالبشر الذين لم يكن حظهم مثل حظّك أنت وأبنائك. كيف يكون العيد مناسبة وفرصة لشكر الله بالعمل وترويض النفس على إشاعة البهجة في كل مكان؟ انهض وانهضي وليكن عيدنا "غير"؟ * مسارات.. قال ومضى: صباحك العيد يا وطني.. وكل عيد وأنت كما أنت منارة العز ومنبع الخير.