دعمت وسائل التقنية والاتصال توثيق العلاقات الاجتماعية بين الناس بطريقة غير مسبوقة، فلا تمر مناسبة من المناسبات العامة إلا وتجد غالب الناس في حالة استنفار بين حالتي الاستقبال والإرسال عبر الهاتف الجوال، وخاصة في مثل أوقات حلول شهر رمضان أو عيد الفطر أو عيد الأضحى، فهذه الوسائل أتاحت فرصة التعبير عن مشاعر المودة بطريقة مختصرة وصامتة، وربما كانت شعراً كما قال الشاعر سداح: ياحبيبي جاري إرسال الرساله وأنت جاري من وريدي في وريدي المسج منها هاتفي خله لحاله علقه في باب صندوق البريدي ماني بمرسل معاريف وجماله مرسلٍ لك بيت واحد من قصيدي إلا أن الرسائل أحياناً تفتقد روح المشاعر وحرارتها مقارنة بالمحادثة الهاتفية، ولكنها تبقى خياراً فرضه التطور التكنولوجي مع إيقاع الحياة السريع وانكماش الروابط وغلبة المجاملات الاجتماعية، وكل ذلك أفرز لنا فناً جميلاً هو فن (رسائل الجوال) فأصبح طريقاً للإبداع بطريقة أو بأخرى، حتى إنها كانت سبباً في بروز بعض الشعراء في الساحة الشعبية؛ بل ظهرت صفحات خاصة في بعض المجلات لهذه الرسائل ثم تطورت المسألة فخرجت إلينا كتيبات ذات صبغة تجارية متخصصة لرسائل الجوال تتضمن نصوصا شعرية ونثرية لرسائل الجوال تختار منها ما تريد لكل مناسبة، وهناك من سلك مع رسائل الجوال اتجاهاً توثيقياً وثق من خلاله رسائله التبادلية مع محبيه وجمعها في كتاب كالأستاذ الباحث والمؤرخ فائز البدراني الذي أخرج لنا كتاباً سماه (رسائل المحبة من صفوة الأحبة، رسائل وتهاني ومداعبات عبر الجوال)، وما لبث هذا الفن (رسائل الجوال) حتى تحول إلى الاستثمار فخرجت مواقع للاتصالات ترسل إليك الرسائل المعلبة الجاهزة لكل مناسبة تريدها برسم اشتراك معين!! وأيضاً استغلت الشركات التجارية هذه الرسائل للدعاية والإعلان!! فلا شك أن رسائل الجوال بغض النظر عن الجانبين الاجتماعي والتجاري لها عدة فوائد كوسيلة اتصال حديثة ولكنها حتماً ليس على طريقة (انشر تؤجر) التي ربما يكون أجرها في حساب لشركات الاتصالات وحدها!! وعموماً أنا لا أجد مناصاً من استخدام رسائل الجوال في التواصل الاجتماعي لأنها تمنحك فرصة التواصل مع مساحة أوسع لهذا التواصل فيمكنك أن ترسل التهاني لعدد كبير من المحبين في وقت لن تستطيع فيه محادثتهم جميعاً!! ولكن أردت التنبيه على هذا الفن الذي ولد من رحم التقنية!. وختاماً، أهدي إليكم هذه الرسالة الجميلة للشاعر محمد بن عبدالرحمن بن شعيل الرويس: أرسل سلام الطيب للناس الأخيار عن حالكم قلبي يكرر سؤاله لولا ظروف الوقت والبعد في الدار ما تشفي المشتاق فيكم رساله بس الرساله مثل ما قيل تذكار وإلا غلاكم ما وفت به رساله