حين يرد في الأخبار أن العالم يطالب إسرائيل بوقف اسلوب العقاب الجماعي أجد في هذه العبارة إهانة للشعب الفلسطيني واهانة للعقل والمنطق وتناقضا صريحا مع المواثيق الدولية ومبادئ حقوق الانسان. يتم تداول هذه العبارة في وسائل الاعلام فيشعر المتلقي أن الفلسطيني هو المجرم وهو المحتل الذي يحاصر اسرائيل. وبسبب اعلام غير محايد فان العالم المحكوم بالمصالح يتفرج على مسلسل الهجمات الوحشية الاسرائيلية على غزة وقتل الأبرياء متجاهلا بل مستهترا بالقوانين والاتفاقيات ومبادرات السلام. العالم يتفرج مكبلا الا من تحريك شفتيه ليقول إنه يشجب ويستنكر ويندد وشعر بالقلق. أما تلك المنظمات الارهابية التي تحرض على المقاومة وتتاجر بقضية فلسطين فهي تشارك العالم في الفرجة، وتنسحب من ميدان المعركة. تلك المنظمات التي تزعم أنها تناصر قضية فلسطين وتصدع رؤوسنا بالخطابات والشعارات التي تريد إزالة اسرائيل، لم تكتف بالفرجة بل أشعلت الفتن الداخلية ونشرت الفكر الارهابي مترجما الى سلوك يقود العالم العربي الى أسوأ أوضاعه التاريخية من حيث الضعف والانقسام وفقدان القدرة على اتخاذ مواقف موحدة وقرارات استراتيجية. يتفرج العالم على مأساة غزة دون قرار مؤثر لأن جوهر القضية وهو الاحتلال والحصار وبناء المستوطنات ليست مطروحة على طاولة المفاوضات. كل الحلول المطروحة تأتي بعيدة عن جوهر القضية، مجرد مسكنات يطلق عليها الهدنة أو التهدئة أو ضبط النفس. تغيب الحلول الحقيقية ويدفع الفلسطيني الثمن بسبب علاقات دولية تقوم على المصالح. علاقات صداقة تغلف بغلاف العداء وفي اطارها يتبين أن المستفيد من تقويض الكيان العربي هو اسرائيل وايران تحت مظلة أمريكية تخادع وتناور على حبال كثيرة أهمها وأقواها الحبل الذي يربطها بإسرائيل. ومن المفارقات في هذا الزمن السياسي الفوضوي أن الارهابي صار هو الذي ينقذ الأنظمة المهترئة الدكتاتورية من الانهيار وتحول الربيع العربي الى تحالفات لا تخدم مصالح العرب ولا قضاياه الجوهرية وفي مقدمتها قضية فلسطين. مأساة غزة أنها تتعرض لجريمة دون عقاب، وهي جزء من قصة انسانية عنوانها (فلسطين) وفيها سلسلة من الجرائم الإسرائيلية التي تمر دون عقاب بل إن الاعلام غير المحايد يحيط بيانات مجلس الأمن التي تدين اسرائيل بأنها انتصار عربي، ثم تصرخ اسرائيل بقوة احتجاجا على تلك البيانات لتقول للعالم (أرأيتم إننا نتعرض للعقاب). في قصة فلسطين لا يوجد علاقة بين الجريمة والعقاب.