تمهيد إعلامي وسياسي سبق الهجوم الإسرائيلي الوحشي على غزة. قبل الهجوم كانت إسرائيل تردد أنها تقبل مبادرة السلام العربية، وتستخدم كافة الوسائل الإعلامية لمخاطبة العالم وتذكيره بأن إسرائيل تحارب الإرهاب، وان الفلسطيني إرهابي هوايته قتل النساء والأطفال. واستمر الخداع، وبعد ذلك بدأ الهجوم ليموت أكبر عدد من المدنيين. وعندما نستمع إلى محلل سياسي هنا وهناك نجده يقول إن إسرائيل استغلت العملية الانتقالية الرئاسية في أمريكا لتحقيق ما تريد. ومن يقول بهذا الرأي يظن بأن أمريكا لو كانت في وضع مستقر لكان لها موقف آخر. هذا رأي لا ينسجم مع منطق العلاقات الأمريكية الإسرائيلية الخاصة والتاريخ القديم والحديث هو تاريخ من الدعم غير المحدود عسكرياً وقانونياً وإعلامياً. ويقول محلل آخر إن العرب لو كان لهم موقف موحد لمنع حدوث مأساة غزة. ومن المعلوم أن الموقف العربي الموحد يتمثل في مبادرة السلام العربية الصادرة عن قمة بيروت عام 2002م وهناك من يبرر الهجوم بالدفاع عن النفس والعالم يتفرج ويرى أن إسرائيل تقتل المدنيين في الشوارع وتقصف المساجد والجامعات والمساكن، ولم تصل إلى مصدر إطلاق الصواريخ الفلسطينية رغم ما تستخدمه من تكنولوجيا متقدمة وأسلحة متطورة فهل قتل الأبرياء دفاع عن النفس! إن الواضح من الشواهد السابقة للهجوم على غزة أن إسرائيل تتحدث عن السلام وتفعل العكس بدليل استمرار الاستيطان، واقتطاع الأراضي، ورفض حق العودة، وبناء الجدار العازل، وقد استطاعت رغم كل هذه الممارسات المتعارضة مع منطق السلام ان تحرك حرباً إعلامية حولت قضية فلسطين من قضية احتلال الى قضية تدخل في إطار الحرب على الإرهاب واستطاعت إحداث الانقسام بين أبناء فلسطين تنفيذاً لمبدأ "فرِّق تسد". ثم كان الضغط والحصار والمماطلة لتهيئة الظروف المناسبة لقصف مبادئ السلام وبدء حرب همجية أحرجت وكشفت تلك الدول التي تنادي بالحرية، والديموقراطية، وحقوق الإنسان، وأحرجت المنظمات الدولية التي تعامل اسرائيل كدولة فوق القانون. كيف الخروج من هذه المأساة، وبدء العمل نحو حلول جذرية لأزمة فلسطين. لاشك أن الخطوة الأولى الضرورية هي الوحدة الفلسطينية ومخاطبة العالم بموقف موحد ولن يفيد قضية فلسطين أن تتحول فلسطين الى ساحة مزايدات، وقد ولى عهد المتاجرة بالقضية الفلسطينية، وما يريده الشعب الفلسطيني هو أن يقف خلف قيادة فلسطينية موحدة لا تنقاد للصراعات السياسية والمطامع الاقليمية وتركز جهودها على الداخل الفلسطيني والحق الفلسطيني وبناء الدولة المستقلة بدلاً من تشتيت الجهود في قضايا لا تخدم الهدف الأهم وهو إنهاء الاحتلال وتحقيق الحرية والأمن والاستقرار بعيداً عن المزايدات السياسية. في إسرائيل تتعدد الآراء والموقف واحد، وفي فلسطين تتعدد المواقف رغم وحدة الهدف. سؤال اليوم، هل فعلاً قامت إسرائيل بالهجوم الغادر الوحشي على غزة من أجل الانتخابات؟