يبدو أن المؤتمرات الاقتصادية أصبحت تجذب الأنظار، وتحرك الرأي العام أكثر من المؤتمرات السياسية. قمة (أنابوليس) أو ما سمي بمؤتمر السلام هي مثال صارخ على التخطيط للفشل وهل ينقصنا الدليل على ذلك، وغزة تحتضر أمام أنظار العالم المشغول بالدفاع عن حقوق إنسان قادم من كوكب آخر، وبالمساواة بين الرجل والمرأة بدلاً من المساواة بين الإنسان والإنسان. لبنان يعيش على حافة الحذر والخوف ويمارس عادة التأجيل انتظاراً لنتائج لقاءات سياسية تنعدم فيها الثقة، وتسيطر عليها الأجندة الخفية، والقوى الأجنبية، فيكون الفشل، ويدفع المواطن اللبناني الثمن.. من هو هذا المجتمع الدولي الذي يتفرج؟ هل هو الحكومات الرسمية؟ هل هو الشعوب؟ هل هو البرلمانات؟ هل هو النقابات؟ هل هو المنظمات؟ وهل يغيب عن المجتمع الدولي أن مأساة فلسطين مستمرة لأن أسبابها لاتزال قائمة، والحلول غير عادلة، والوسطاء لا يتسمون بالحيادية، وإسرائيل ليس لديها قرار سلام استراتيجي بدليل رفضها مبادرة السلام العربية. أين المجتمع الدولي؟ وهل صورة إسرائيل أمام المجتمع الدولي هي نفسها الصورة القديمة أي انها دولة صغيرة محاطة بالأعداء الذين يريدون رميها في البحر، وأنها دولة تنشد السلام؟ الشواهد والوقائع تؤكد أن إسرائيل تقول انها تريد السلام، وتفعل ما يقتل السلام ويحول حياة الفلسطينيين إلى جحيم. عندما لوّح العرب بورقة السلام أعلن رئيس وزراء إسرائيل في وقتها ان الجولان جزء لا يتجزأ من إسرائيل وعندما كانت تجري مفاوضات السلام نشر تقرير القنصل البريطاني في القدس وهو تقرير يكشف ممارسات إسرائيل في القدسالشرقية لتكريس الاحتلال ومنع تحول القدسالشرقية إلى عاصمة لدولة فلسطين. وبعد مؤتمر أنابوليس بادرت إسرائيل إلى بناء مستوطنات جديدة في تحد جديد للمجتمع الدولي وتعارض مع نتائج ذلك المؤتمر ومن الشواهد وهي كثيرة، بناء الجدار العازل رغم قرار محكمة العدل الدولية المعارض لذلك. وما يجري اليوم في غزة هو جريمة إسرائيلية بالمعايير الإنسانية، والسياسية والأخلاقية، ولن أندهش إذا طالب المجتمع الدولي الطرفين بضبط النفس لأنه ليس هناك سوى طرف واحد. كان هناك إدانة، وتنديد، وشجب، واستنكار واليوم يلتزم المجتمع الدولي الصمت فالإدانة غير مجدية وللتذكير والتاريخ صدر القرار (106) في عام 1955م يدين إسرائيل بسبب غاراتها الوحشية على غزة، وهي الآن تتعرض لوحشية أقسى، وسواء صدرت قرارات إدانة أو اكتفى المجتمع الدولي بالفرجة فالأزمة لا تحل إلا بحل أسبابها وجذورها والتزام إسرائيل (فعلياً) بمشروع السلام. يقول محمود درويش: كان هناك بنت وللبنت أهل وللأهل بيت وللبيت نافذتان وباب وفي البحر بارجة تتسلى الخ ثم انقطع الخبر التلفزيوني ولم نسمع بقية القصيدة (القصة) ولكن المجتمع الدولي يعرفها من بدايتها حتى نهايتها ولكنه لا يتكلم العربية، ويستمع بانتقائية، ويستجيب بانتقائية ويحول قضية إنسانية مأساوية إلى ملف مكافحة الإرهاب تعبيراً عن فشل المجتمع الدولي مثلما هو تعبير عن الفشل الفلسطيني الذي لا يستجيب لنداءات الوحدة الوطنية.