عند نشر سوانح اليوم، يكون قد انقضى من شهر رمضان الكريم بضعة أيام.. ومع ذلك كانت جدتي رحمها الله، عندما أراها في مثل هذا اليوم تقول لي: راح رمضان الله يخلفه علينا، وكل جيل يتميز من الجيل الذي قبله والذي بعده، فهو امتداد ومُتأثر بمن قبله ومؤثر في من بعده، وفي رأيي ان جيل الآباء والأجداد هو الأميز والأفضل فيما يتعلق بالعبادات، كالصيام مثلاً، وما أجمل وأصدق دعوة من قال قديماً: اللهم ارزقني إيمان (العجايز) واليوم يكون انقضى من رمضان بعضه ُوبقي كثير منه. فبماذا تشعر الآن أيها الصائم.. الذي خططت للاستفادة من رمضان في أمر من أُمور حياتك، كإنقاص وزنك مثلاً، أو الاقلاع عن التدخين إن كنت مدخناً، ماذا حققت فيما مضى، فأيام رمضان ولياليه تمر سريعة، وبمقارنة جيلنا بالجيل الماضي فيما يتعلق بالأوزان نجد ان زيادة الوزن أصبحت ظاهرة عند كثيرين في رمضان جيلنا الحالي، فالإقبال على الأكل يزيد مع ازدياد ساعات النوم وقلة المشي والحركة. وموضوع الأكل في رمضان (من تفنن وتنوع للقادرين) موضوع ذو شجون، فموائد كثير من الناس تزخر بأصناف كثيرة من الأطباق وقت الإفطار، يتقدمها ويتزعمها الفول بلا منازع هذه الأيام، ومن لا يأكل فولاً مع الإفطار أو لا يصدق ما أقول فلينظر إلى الطوابير عند الفوالين بعد صلاة العصر وقبل المغرب بقليل. ومنظر الطوابير الرمضانية هذا يُذكرني بطوابير عجينة السنبوسة قبل عقد من الزمان أو يزيد، ما علينا، وأكل الفول في رمضان انتقل إلينا من منطقة الحجاز، منذ عقدين من الزمان أو يزيد، وأذكر في هذا الخصوص رجلاً (رحمه الله) ذهب لمدينة جدة في بداية التسعينيات الهجرية من القرن الماضي في مهمة عمل في رمضان، كان يقول لأبي مستغرباً: انهم يأكلون الفول مع وجبة الإفطار الرمضانية، وقد شاركهم (بعد تردد) أكل الفول آنذاك، وهذه الأيام جميع مدننا السعودية تستمتع بأكل الفول في وجبات الإفطار في رمضان، وأما من أُبتلي بعادة التدخين فرمضان فرصة ذهبية للإقلاع، والمدخنون يفوتون فرصة ثمينة، يفوتون الفرصة تلو الفرصة، وسنة بعد سنة، فيمر رمضان وينقضي وهم (على طير ياالي) أو (على طمام المرحوم) يمنون النفس ويعِدون بالإقلاع ولا يفعلون. وقد رأيت بعيني منذ يومين من يقوم بإشعال سيجارة بعد أذان المغرب مباشرة، يُتبعها بعدد من السجائر (لوود نق دوز) لرفع نسبة النيكوتين في دمه، وتعويض ساعات التوقف أثناء صومه، فواعجبي، ومع ذلك أقول إن الفرصة لا تزال قائمة لمن يُريد الاستفادة من شهر رمضان بالإقلاع عن التدخين. وليرحم الله جدتي وأموات المسلمين، فأيام رمضان تتصرم مسرعة (راح رمضان) والشهر مبارك، وإلى سوانح قادمة بإذن الله. * مستشار سابق للطب الوقائي في الخدمات الطبية - وزارة الداخلية