كل جيل يتميز عن الجيل الذي قبله والذي بعده؛ فهو امتداد ومُتأثر بمن قبله ومؤثر في من بعده؛ وفي رأيي ان جيل الآباء والأجداد هو الأميز والأفضل فيما يتعلق بالعبادات؛ كالصيام مثلاً؛ وما أجمل وأصدق دعوة من قال قديماً: اللهم ارزقني إيمان (العجايز) فقد كانت جدتي رحمها الله عندما ينقضي من رمضان بضعة أيام (يومان أو ثلاثة) تقول (راح رمضان الله يخلفه) واليوم يكون انقضى من رمضان ثُلثاه أو أكثر؛ فبماذا تشعر الآن أيها الصائم؛ والذي خططت للاستفادة من رمضان في أمر من أُمور حياتك؛ كإنقاص وزنك مثلاً أو الاقلاع عن التدخين إن كنت مدخناً؛ ماذا حققت فيما مضى؛ فأيام رمضان ولياليه تمر سريعة؛ وبمقارنة جيلنا بالجيل الماضي فيما يتعلق بالأوزان نجد ان زيادة الوزن أصبحت ظاهرة عند الكثيرين في رمضان جيلنا الحالي؛ فالإقبال على الأكل يزيد وازدياد ساعات النوم مع قلة المشي والحركة؛ وموضوع الأكل في رمضان (من تفنن وتنوع للقادرين) موضوع ذو شجون؛ فموائد الكثير من الناس تزخر بأصناف كثيرة من الأطباق وقت الإفطار؛ يتقدمها ويتزعمها الفول بلا منازع هذه الأيام؛ ومن لايأكل فولاً مع الإفطار أو لا يصدق ما أقول فلينظر إلى الطوابيرعند الفوالين بعد صلاة العصر وقبل المغرب بقليل؛ ومنظر الطوابير الرمضانية هذا يُذكرني بطوابير عجينة السنبوسة قبل سنوات؛ وعلى أية حال ظاهرة الطوابير والازدحام موجودة في كل مكان هذه الأيام؛ وأكل الفول في رمضان انتقل إلينا في السنوات الأخيرة من منطقة الحجاز؛ وأذكر في هذا الخصوص رجلاً (رحمه الله) ذهب لمدينة جدة في بداية التسعينيات الهجرية في مهمة عمل في رمضان؛ كان يقول لأبي (مستغرباً) انهم يأكلون الفول مع وجبة الإفطار الرمضانية؛ وقد شاركهم أكل الفول واستمتع به آنذاك؛ وهذه الأيام جميع مدننا السعودية تستمتع بأكل الفول في وجبات الإفطار في رمضان؛ وأما من أُبتلوا بعادة التدخين فرمضان فرصة ذهبية للإقلاع؛ والمدخنون يفوتون فرصة ثمينة للإقلاع عن التدخين؛ يفوتون الفرصة تلو الفرصة؛ وسنة بعد سنة؛ فيمر رمضان بعد رمضان وهم (على طير ياالي) أو (على طمام المرحوم) يمنون النفس ويعِدون بالإقلاع ولا يفعلون؛ وقد رأيت بعيني منذ يومين من يقوم بإشعال سيجارة بعد أذان المغرب مباشرة؛ يُتبعها بعدد من السجائر (لوود نق دوز) لرفع نسبة النيكوتين في دمه؛ لتعويض ساعات التوقف أثناء صومه؛ فواعجبي؛ ومع ذلك أقول ان الفرصة لا تزال قائمة لمن يُريد الاستفادة من شهر رمضان بالإقلاع عن التدخين؛ وليرحم الله جدتي وأموات المسلمين؛ فأيام رمضان تتصرم مسرعة؛ وراح رمضان؛ وإلى سوانح قادمة بإذن الله.