تابعت ذلك التأصيل الفقهي لعدم مشروعية قفل المحلات التجارية والمكاتب وسواها إلا لصلاة الجمعة فقط بنص القرآن الكريم كما جاء في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي لصلاة الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) (9 الجمعة)، والذي نشره الشيخ المحامي أحمد بن خالد الأحمد السديري، على مدى تسع حلقات في هذه الجريدة الغراء ابتداءً من العدد 1678 وانتهاء بالعدد 16795 ليوم الاربعاء 30/8/1435ه الموافق 18/6/2014م. والحقيقة أن هذه البدعة المتأخرة قد ألزمت الناس بما لا يلزم وضيقت عليهم واربكت أعمالهم وأضرت بمصالجهم في الوقت الذي لم يأمر بها ديننا الحنيف وذلك أمر يثير الدهشة فما دمنا لا نفتأ نردد قول المصطفى صلى الله عليه وسلم إن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.. فلماذا نصر على هذه البدعة التي أضرت بالمسلمين في هذه البلاد من بين بقية المسلمين في بقاع الأرض، وأساءت للدين من حيث مصادمتها ليسره وسماحته.. قفل المحلات وتعطيل الأعمال لم يحدث في عصر الخلفاء الراشدين ولا الخلافة الأموية ولا العباسية والعثمانية وما سواها من الدول الإسلامية كما أشار المحامي.. فهل نحن أفضل منهم، ثم هل نحن الذين نستدرك على أصحاب رسول الله وعلى من تلاهم من القرون المفضلة..؟؟! إن الحياة قد تغيرت والمصالح قد تشابكت والمدن والحواضر قد تخمت وتشعبت، وكل سوق من الأسواق في هذه المدن بداخله من العمالة والمتسوقين ما يفوق سكان عدد من القرى.. فأي منطق يقول بارباك هذه الألوف خمس مرات في اليوم وتعطيل الأعمال فيها وفي غيرها من الدوائر والمصالح الحكومية والأهلية لساعة من الزمان في كل فريضة وفي الناس المسافر والمريض وذو الحاجة، في حين أن في كل سوق تجاري وفي كل إدارة مسجد أو أكثر من مسجد تقام فيها الصلاة جماعة لعدة جماعات في الفريضة الواحدة، فما المبرر لقفل الأسواق وتعطيل الأعمال في الوقت الذي بامكان من فاتته جماعة أن يصلي مع الجماعة الأخرى، وبامكان أصحاب المحلات أن يصلي أحدهم مع جماعة والآخر في المحل ثم يصلي الآخر مع جماعة أخرى أو يصلي في محله أو في جماعة مع أصحاب المحلات المجاورة في غير المسجد وكما أصل لذلك فقهياً المحامي في بحثه هذا. الحمد لله الذي يسر ولكننا عسرناه.. لقد سرت هذه العادة حتى في المحطات النائية بالصحراء على الطرق الطويلة بين المناطق والمدن في بلادنا، فتجد أصحاب المحطات قد أوقفوا محطاتهم وأغلقوا محلاتهم للصلاة في المسجد، والمسجد بالمحطة تصلي فيه جماعات عديدة كل واحدة بعد الأخرى مما يجعل بامكان العاملين فيها الترتيب فيما بينهم والصلاة لكل مجموعة منهم مع أي جماعة وتبقى المحطة والمحلات مفتوحة. إن هذه الدراسة المؤصلة التي تقدم بها المحامي أحمد بن خالد السديري ونشرها في هذه الصحيفة لجديرة بالنظر والدراسة من قبل المسؤولين في الدولة وفقهم الله لرفع الحرج عن الناس والرجوع للحق خير من التمادي في الخطأ الذي جرى مجرى العادة وتشابك مع مسائل الدين. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.