ماحدث في مصر يوم الأحد الماضي ليس مجرد تنصيب رئيس جديد خلفاً لرئيس سابق.. فالحدث عظيم وكبير ويحمل الكثير والكثير من المعاني والصور والعبر والمشاهد التي تحتاج إلى توقف وتمعن وتقييم واهتمام لايقتصر على وقت ومحيط الحدث!! يوم الأحد الماضي قدمت مصر العروبة للعالم البداية الحقيقية للربيع العربي الحقيقي والصادق والمخلص.. الربيع العربي الذي يراه وينشده الشعب المصري، الربيع الذي تنشده وتتمناه الآن بعض الشعوب العربية.. ربيع عربي مصري بكل خطواته ولبناته ومعانيه وصوره، ربيع أطل على الأمة العربية بطابع مصري ومن صناعة مصرية ذاتية بكل أبعاده ومراحله ومستقبله، ربيع مصري صنعه وبناه أبناء وشباب مصر بكل اقتدار بعيداً عن تدخل الغرب فأثبتت مصر بشعبها وبشبابها وبنظامها وبرجالها وبحكمائها أنها أمة مصرية عصية على كل أولئك الذين حاولوا اختطافها من حضن الأمة العربية والإسلامية!! في ذلك اليوم استطاعت "أم الدنيا" بأبنائها وبشعبها وبشبابها أن تصنع لها رؤية وتتخذ لها قراراً وموقفاً، كما كانت هي عبر التاريخ الطويل، فكان موقفاً عظيماً وتاريخياً أحبط كل محاولات جر هذه الدولة وشعبها إلى مستنقع الفتن والفوضى تحت مسمى الربيع العربي!! هذا المخطط الذي صنعه الغرب فتورطت فيه الآن شعوب دول عربية التي أدركت مؤخراً أن ذلك ليس ربيعاً بقدر ماهو جحيم نشر القتل والخوف والدمار والجوع والتشتت، وأعاد بتلك الدول وشعوبها إلى مرحلة الصفر وهذه هي إرادة الدول الغربية في الأمة العربية!! إن الانتصار الذي حققه الشعب المصري الشقيق في ذلك اليوم من خلال ذلك المشهد ليس انتصاراً للشعب المصري فقط، بل هو انتصار للأمة العربية وللإرادة العربية وللكرامة العربية!! وهو إنجاز وفخر لكل شعوب المنطقة، ففيه تأكد للعالم أن الشعوب العربية قادرة على تحرير إرادتها من قيود الغرب وأعوانهم من خلال صناعة تاريخها بنفسها في منأى عن الآخرين مهما كان حجم القوة السياسية لأولئك الآخرين!! فالأمة العربية من خلال مصر وشعبها أثبتت أنها تملك السلاح الأهم وهو الإرادة والكرامة والوحدة الشعبية والاجتماعية وهذا مارآه العالم في مصر وشعبها في ذلك اليوم التاريخي!! في يوم ذلك الحدث المصري كان هناك رجال صناع لتاريخ مصر الجديد في مقدمتهم فخامة الرئيس المصري الجديد والرئيس السابق عدلي منصور وقضاة المحكمة العليا وأقطاب السياسة المصريين المخلصين ورجال الجيش والأمن الأوفياء، جميع هؤلاء الرجال كان لهم جميعاً كلمات وفاء وتقدير لشعبهم العظيم أولاً، وللقادة والدول والشعوب الذين وقفوا وقفة حق وإخلاص وصدق وبكل شجاعة مع مصر في تلك الظروف العصيبة التي مرت بها مصر خلال الثلاث السنوات الأخيرة.. وكان الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي في مقدمة رموز الوفاء المصري تجاه كل من وقف مع مصر في هذه الأزمة وذلك خلال مراسيم تسليم السلطة يوم الأحد الماضي!! وبالنسبة لدور المملكة العربية السعودية تجاه الشقيقة مصر فقد ثمن كل أبطال مرحلة صناعة هذا الوجه الجديد لمصر من رجال السياسة والقادة ثمنوا جميعاً موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وحكومة المملكة العربية السعودية والشعب السعودي مع مصر خلال هذه الأزمة حتى تجاوزتها بتوفيق من الله ونجحت مصر اليوم في تقديم نفسها بصورة أفضل وأقوى -إن شاء الله- لتواصل مسيرتها الإسلامية والعربية وأن تعود مصر كما كانت في السابق بل وأكثر وأقوى من ذلك!! هذا الموقف أكده أيضاً وبكل صراحة فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال كلمته في يوم التنصيب عندما أثنى على دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لعقد مؤتمر للمانحين لمساندة مصر في عبور أزمتها الاقتصادية، لتؤكد مصر برئيسها الجديد في العهد الجديد العلاقة القوية بين مصر والمملكة العربية السعودية، وهي دعوة تؤكد حرص القيادة الجديدة على إعادة مصر إلى مكانتها السياسية والعسكرية كما كانت في السابق إن شاء الله!! حفظ الله مصر في عهدها الجديد.. وحفظ الله هذا الوطن بقيادته وبشعبه وبرسالته الإسلامية والعربية الخالدة تجاه كل دول وشعوب العالم الإسلامي والعربي.