يعيش الشعراء الخاسرون في مسابقات شعرية باتت اليوم الأكثر هوسا، ورغبة في المشاركة في بلدان عربية عدة حالات من الإحباط، فيما ينتشي الفائزون بالمراكز الأولى، ويشدد شعراء على أن المسابقات الشعرية لها قوانينها الصارمة التي قد تجعل من شاعر رائع خاسرا، والعكس صحيح، فيما يرى شعراء يرفضون المشاركة في أي مسابقة شعرية بأن هدف معظم زملائهم يكمن في تحقيق نوع من الشهرة إن حقق أحدهم الفوز. ويختلف الشعراء في تقييم من يقيمهم في لجان التحكيم، إذ يرى الشاعر الإعلامي محمد الحمادي، السلوكيات الخاطئة في ذهن بعض الشعراء لا بد أن تتغير، إذ يرى أنه يجب على من يسعى للمشاركة في المسابقات تقبل أي شيء ممكن أن يحدث مهما كان، فما دمت أرسلت قصيدتك لمسابقة تكون أنت مؤمنا بها، وبالتالي فلا يحق لك التشهير بلجنة التحكيم وبعملها، مشيرا إلى أن من في التحكيم يجتهد، ويحاول أن يقدم شيئا. ويتابع الحمادي: يجب أن يشارك الشاعر ويبعد عن رأسه فكرة الفوز، أما إذا شارك والفوز مسيطر عليه، ولم يفز فهنا المشكلة ستكون ردة فعله انفعالية أكثر من كونها شفافية، مشددا على أن ذلك يجب مراعاته بالرغم من كل هذا المسابقات بما لها وماعليها، مضيفا: هناك أمور مختلفة تحتاج للاهتمام، لكنني لن أنتقد أي مسابقة سواء شاركت بها أو لم أشارك لأنهم قدموا عملاً يستحق الشكر والتقدير في كل الأحوال، وربما أبعث برسالة خاصة لهم إذا كانت نقداً وإذا كان الأمر يهمني. من جانب آخر أكد المختص الاجتماعي الأديب عبدالإله التاروتي، على أن من يقرأ سيرة الأوائل من نقاد الشعر وكتابه في أدبنا العربي يلحظ إشارة مهمة لسلوك الطرفين، ألا وهو استيعاب الناقد لعملية اقتناص مكامن القدرة والقوة في النص، وبالمقابل تسليم صاحب النص بمهارة هذا المحكم، أو الناقد حسب المصطلح الحديث. وقال التاروتي: نتج عن ذلك ثراء معرفي مد الساحة الثقافية وأعني به "ديوان العرب" مقترحا حلولا وسطا قد ترضي التحكيم والشعراء، قائلا: هي أن تشمل فكرة التقويم للنصوص، وذلك بأن تعرض المشاركات على المشاركين بدون أسماء، ويعطي كل مشارك رأيه في النصوص المقدمة مع استبعاد نصه من تحكيمه، ومن ثم يؤخذ متوسط النقاط التي أعطيت للنص من قبل جميع المشاركين، إلى جانب رأي لجنة التحكيم، وبذلك يكون كتاب النصوص مع لجنة التحكيم قد أبدوا تقييمهم للنصوص والنتيجة تعرض وفق الدرجات النهائية لكلا التقييمين". أما الشاعر هادي رسول، الذي حقق الفوز في عدة مسابقات شعرية، فيرى أن المسابقات الشعرية فرصة لإشعال لهيب المنافسة الذي يساهم في الحفر في التجربة، والإيغال في نقش ملامحها، مضيفا: إنها اختبار مناسب بوضع التجربة الشعرية الخاصة على المحك، واكتشاف نقاط ضعفها وملامح نضوجها، مستدركا: "بعض المسابقات بدل أن تُقيّم فيها نصوص الشعراء، تُقيّم فيها لجان التحكيم من قبل الشعراء والمتابعين، ويتم وضعها على المحك من حيث الكفاءة من عدمها" مشيرا إلى أن المسابقات الشعرية قد تكون فرصة حقيقية لاكتشاف شعراء حقيقيين أو نقّادٍ فاشلين. كما تحدث الشاعر فريد النمر، عن هذه الظاهرة قائلا: المسابقات الشعرية من المفترض أن تكون محفزة للنص الشعري، ومحرضة على نبوغ القصيدة، بيد أن جل المسابقات المحلية هي فقط محطة محفزة على الاحتكاك والتلاقي بين الشعراء أنفسهم ناقلة للتجارب فيما بينهم حتى تكاد تراهم يتشابهون في كل شيء، إلا التجديد في خلق عمل شعري جديد. وختم النمر حديثه قائلا: من المؤسف تكرار بعض القصائد لقصيدة ما، بقافية أخرى تشيء بوجود ثقب عميق بذاكرة اللجان والمتلقى معا، مستدركا "المسابقات تفضي لثقة كبيرة في مواجهة الشاعر نفسه، وانكشافه أمام الشعراء، ورفقاء الحرف والمتلقي، ما تعطيه جرعة فائضة تبني ذاته القلقة وتحصنها بالمواجهة الشعرية". هادي رسول محمد الحمادي