للذاكرة حنين يدق في عالم النسيان.. لها شغف الماضي بتفاصيله وذكرياته وأحزانه وأفراحه.. الذاكرة هي الجزء العالق بخيالنا وعقولنا وعاطفتنا.. ما علق فيها هو فقط ما يستحق أن نذكره ونحن إليه.. ذاكرتنا الجميلة وذكرياتنا الخاصة بالأماكن والأشخاص والأحداث نذكرهم بالحب والحنين والابتسامة.. أو بالأسى أحيانا لفقدهم.. بعض ذاكرتنا نتمنى أن ننساه وبعضها الآخر نحلم أن نعيشه مرة أخرى.. بعضها مفرح وبعضها محزن.. بعضها قاسٍ وبعضها الآخر يجرنا للابتسام.. الذاكرة هي خزنة الأيام التي نحتفظ فيها بكل أيامنا الماضية.. لكنها غالباً ما تكون خزانة مبعثرة وغير منظمة.. أحيانا ننسى أحداثاً ومواقف وأشخاصاً.. وأحياناً بلا سبب أو مناسبة نتذكر أشخاصاً.. نحن إليهم نشتاق إلى وجودهم في حياتنا مرة أخرى.. مهما بعّدتنا عنهم الأيام والسنين. في علاقاتنا أحياناً لا نتخيل أو نتوقع أن من ارتبطنا بهم بشدة سيصبحون فيما بعد مجرد ذكرى.. كم هي فكرة قاسية.. أحياناً لا نتخيلها ولا نتقبل التفكير بها .. ونسعى أن نقاومها.. لأن هناك في حياتنا من لا نريدهم أن يصبحوا مجرد ذكريات بل نريدهم أن يكونوا أصلاً قائماً في حياتنا.. يعبرون معنا الأيام ويطوون معنا السنين.. ونكون معهم بكافة تفاصيل الحياة.. لكن الحقيقة المرة أنهم بعد حين سيصبحون ذكرى.. وسنتذكر إن تذكرنا أنهم عبروا على حياتنا أو أننا مررنا على حياتهم!! لو خططنا في حياتنا أن من سنقابلهم ونتعلق بهم ستحولهم الأيام إلى مجرد صور على حائط الذكريات .. كان شكل علاقتنا اختلف.. لكن جمال الدنيا أننا لا نعلم ما ستكون عليه حالنا في المستقبل.. وكما قالوا إن جمال الأشياء أن نعيشها بجمالها في واقعها وأن لا نفكر كثيراً بما ستؤول إليه في المستقبل.. لذلك تكون مشاعرنا رهن حالتنا التي نعيشها في ذلك الوقت.. لا رهن ما ستصبح عليه في المستقبل.. لكن الأيام حين تدور دورتها وندور معها أو في فلكها تتغير كثير من أمنياتنا ورغباتنا وتطلعاتنا وطموحنا.. ويبقى جزء منها هو الواقع، وتبقى بقية الأيام ذكريات تخصنا ونخصها.. نعيشها فقط حينما نغمض أعيننا .. ويتسلل إلينا الحنين.. ليأخذنا بعيداً عن الواقع إلى عالم الذكرى.. ودمتم سالمين.