سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
العتيبي: التواطؤ في أسعار المناقصات والعطاءات الحكومية جريمة جنائية التعديلات الجديدة للوائح المنافسة في المملكة.. إسهامات في تعزيز البيئة الاقتصادية الحرة
صدر مؤخراً قرار مهم لمجلس الوزراء عدل فيه عدد من المواد الرئيسة لنظام مجلس المنافسة في المملكة بهدف خلق بيئة اقتصادية تنافسية حرة تضع نصب عينيها توفير السلع والخدمات للمستهلك بجودة عالية وأسعار تنافسية عادلة مع التركيز على منع الاحتكار والتكتلات الاقتصادية الساعية للسيطرة على السوق بالمخالفة لقوانين حماية المنافسة الحرة العادلة، وسعياً من مجلس المنافسة في تحقيق اهداف هذا النظام ولائحته التنفيذية بجدية وفعالية، فقد كان له دور فعال نحو منع بعض الممارسات الساعية إلى الهيمنة واحتكار السلع. "الرياض" تناولت آراء عدد من الإكاديمين والخبراء في مجال المنافسة والقانون الأثر لهذا التغير في بعض لوائح نظام المنافسة بالمملكة، ففي البداية تناول الدكتو مساعد بن ناصر العتيبي الخبير في قانون وسياسة المنافسة الأثر المتوقع للتعديل الجديد بزيادة سقف الغرامة من 5 ملايين إلى 10% من المبيعات أو 10 ملايين ريال قائلاً "لا شك أن التعديل الأخير المتضمن رفع قيمة الغرامة خطوة مهمة وسوف يؤدي بنتائج إيجابية باذن الله، والحقيقة أنه يجب تشديد العقوبة لما يسمى ب اتقاقيات "الكارتل" التي تتضمن ثلاث اتفاقيات خطيرة، وهي، تثبيت الأسعار والتحكم في الإنتاج والتواطؤ في المناقصات والعطاءات الحكومية التي تعتبر من أشد أنواع الاتفاقيات المقيدة للمنافسة، حيث تعتبر هذه المخالفة جريمة جنائية في بعض القوانين المقارنة ويترتب عليها سجن مرتكبها مدة لا تزيد عن 3 سنوات، وعن الفائدة من التعديل الخاص بنفاذ قرارات لجنة الفصل من تاريخ صدور القرار، أوضح العتيبي"أن هناك بعض إشكالات التي قد يخلقها هذا التعديل، حيث إن المستقر عليه فقهاً وقضاءً عدم نفاذ الأحكام القضائية والقرارت الصادر من اللجان شبه القضائية إلا بعد اكتسابها الصفة القطعية، حيث إن القرارات الصادرة من لجنة الفصل في مخالفات نظام المنافسة قد تُلغى أو تُعدل من محاكم الدرجة الأولى "الابتدائية" أو في درجة الاستئناف. إلغاء الترخيص النهائي قد يترتب عليه اختلال بتوازن السوق ومبدأ العرض والطلب وحول التعديل الجديد على إلزام المخالف برد جميع المكاسب التي حققها نتيجة المخالفة، وتأثير ذلك على المنشآت العاملة في المملكة، قال "إن إضافة هذه العقوبة من أهم عوامل ردع المخالفين لسببين رئيسين، أولهما إذا أدرك المخالف بعدم جدوى ارتكاب المخالفة لكونه سيُعيد ما جناه من أرباح بالإضافة على الغرامة الواردة في النظام فلن يعمد الى المخالفة من الأساس، وثانيهما، لأن المكاسب المتحققة قد تكون أكبر من قيمة الغرامة المنصوص عليها في النظام. وحول صلاحية إيقاف نشاط المنشأة مؤقتاً لمدة شهر أو إلغاء الترخيص نهائيا، ووجود هذا في الأنظمة الأخرى بالمملكة، قال العتيبي "هذه العقوبة مقرره في بعض الأنظمة في المملكة مثل نظام مكافحة التستر بالنسبة لإلغاء الترخص نهائياً ونظام مكافحة الغش التجاري بالنسبة الى إغلاق المنشأة المخالفة مؤقتاً مدة لا تزيد عن سنة. ومن جهته يقول قصي بن مصطفى القائم بأعمال مدير مديرية المنافسة الأردني "إن تعديل قيمة الغرامة وطريقة احتسابها، حسب نسبة مئوية مطبق في معظم التشريعات المتقدمة وهذه الطريقة ستؤدي الى ردع المخالفين لنصوص قانون المنافسة وهو الهدف الاساسي، كما إن تعديل نفاذ قرارات لجنة الفصل والخاصة بالغرامة أو إيقاف نشاط المنشأة يترتب عليه وقف الممارسات المخالفة بشكل فوري، ولو استمر بالعمل بعد صدور القرار يتعبر الامر تكراراً، وتضاعف الغرامة بالاضافة الى أن أثر الغرامة والوقف سوف يظل سارياً خلال مدة الاعتراض لدى المحكمة الادارية. كما إن التعديل الخاص برد جميع المكاسب المستحقة نتيجة المخالفة هذا التعديل يدخل ضمن نطاق تغليظ العقوبات ومنصوص عليه في قانون المنافسة الأردني، ويؤدي على المدى البعيد الى التزام المنشآت بأحكام قانون المنافسة، وذلك نظراً لوجود رادع قوي. الزهراني قصي وبالنسبة للتعديل المتعلق بصلاحية لجنة الفصل في وقف نشاط المنشأة لمدة شهر أو إلغاء الترخيص فإن مثل هذه الاجراءات متبعة في العديد من التشريعات في الاردن ومصر وألمانيا وفرنسا، ولكن الملاحظ هنا أن وقف المنشأة لمدة شهر يتعبر أمراً جيداً، ولكن إلغاء الترخيص نهائياً يعتبر أمراً خطيراً، حيث إنه يجب أن يكون هذا الأمر متوافقاً مع التشريعات التي تعطي حق الترخيص، حتى لايصبح هنالك تداخل تشريعي هذا بالإضافة إلى أن إلغاء الترخيص النهائي قد يترتب عليه اختلال في توازن السوق ومبدأ العرض والطلب، ومدى توافر السلع وقد يؤدي الى اختلالات في السوق وعليه يجب توخي الدقة والحذر عند إصدار مثل هذا القرار ودراسة آثار القرار على السوق قبل إصداره. بيئة اقتصادية تنافسية وتناول الدكتور علي بن صالح الزهراني عضو هيئة التدريس بقسم القانون بجامعة سلمان بن عبدالعزيز، أهمية صدر نظام المنافسة ولائحة التنفيذية مع حزمة أخرى من الأنظمة كمتطلب لانضمام المملكة لمنظمة التجارة الدولية، وهدفت المملكة من هذا النظام بالإضافة إلى الاعتبارات الدولية إلى خلق بيئة اقتصادية تنافسية حرة تضع نصب عينيها توفير السلع والخدمات للمستهلك بجودة عالية وأسعار تنافسية عادلة مع التركيز على منع الاحتكار والتكتلات الاقتصادية التي تسعى الى السيطرة على السوق بالمخالفة لقوانين حماية المنافسة الحرة العادلة. وسعياً من مجلس المنافسة في تحقيق أهداف هذا النظام ولائحته التنفيذية بجدية وفعالية فقد كان له دور فعال في منع بعض الممارسات الساعية إلى الهيمنة واحتكار سلع معينة، ومما يدل على الرغبة الجدية لدى المسؤولين عن هذا الجهاز في تفعيل دوره بشكل ملموس يصب في مصلحة المستهلك والاقتصاد الوطني ككل هو مراجعتهم المستمرة لهذا النظام ولائحته التنفيذية والاستنئناس بآراء أصحاب العلاقة من خبراء وأكاديميين ورجال اعمال وقد اثمرت هذه الرغبة عن صدور الموافقة السامية بتعديل المواد 12 و 15 من نظام المنافسة. كما ان التشريعات القانونية في الدول المتحضرة تسعى دائماً إلى منح فرصة لتصحيح أوضاع معينة قبل تجريمها ومن ثم التدرج بتغليظ العقوبات للحد أو القضاء على بعض المخالفات والجرائم، وإذا نظرنا إلى المادة رقم 19 من نظام المنافسة نجد أنها تبنت قواعد العدالة والإنصاف وسعت إلى تجنب عنصر المفاجأة بمنح مدة سنة كاملة لكل من تنطبق عليه أحكام النظام لتصحيح أوضاعهم بما يتوافق مع أحكام النظام، تبعها البدء في تطبيق النص القديم من المادة رقم 12 من نفس النظام الذي حدد السقف الأعلى للعقوبة كان 5 ملايين ريال، وهو مبلغاً زهيداً في بعض الحالات إذا قارناه بحجم العوائد المالية التي يجنيها المخالف لقواعد المنافسة العادلة مما قد يجعلها غير رادعة حتى لو تمت مضاعفتها. وأضاف الزهراني "لقد أحسن المشرع صنعاً بتغليظ العقوبة وجعلها نسبة مئوية تقتطع من الأرباح مقرونة بإلزام المخالف برد المكاسب المالية التي جناها نتيجة ممارساته غير المشروعة، وسيكون لذلك أثر ملموس ومباشر في الحد من الممارسات الاحتكارية بل سيجعل من الصعوبة التفكير في الإقدام عليها قبل مباشرتها فعلياً من قبل من تسول له نفسه العبث وإلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني ومقوماته، ولاسيما إذا علم أصحاب الشأن أن الأمر لا يتوقف على دفع مبلغ مالي محدد إنما سينال ما تم تحقيقه من مكاسب ناتجة عن المخالفة فضلاً عما قد يدفع من تعويضات لمن لحق بهم من الضرر من جراء أعماله غير المشروعة، كما إن تفعيل هذه العقوبات وتطبيقها بحزم قد يتجاوز اعتبارات الردع للمخالف إلى تهديد وجود واستمرار منشأته في السوق نتيجة ما قد تتكبده من خسائر كغرامات أو تعويضات للغير أو خسائر ناتجة عن الإيقاف عن ممارسة النشاط سواء مؤقتاً أو بصفة دائمة فضلاً عن الإضرار بالسمعة التجارية للمخالف التي تعد من أهم عناصر المشروعات التجارية الحديثة والتي تنجم عن إعلان العقوبة. وأوضح "إن تعديل بعض المواد يكرس المبادئ القانونية التجارية الأصيلة التي ترتكز على السرعة في البت في الخصومات التجارية وتنفيذها سواء فيما بين التجار أنفسهم أو فيما بينهم وبين السلطة العامة استجابة لما تقتضيه طبيعة هذه النوعية من الأعمال خصوصاً أن من يقع ضحية لممارسات احتكارية غير عادلة أو وطأة منافسة غير مشروعة يتكبد خسائر مالية طائلة قد تؤدي إلى إفلاسه وخروجه من السوق إذا لم يكن هناك سرعة إيقاف المخالف وتعويض المتضرر، وقد جاء هذا التعديل معززاً لمبدأ العقوبات الفورية الرادعة التي من شأنها أن خلق قيمة قانونية للجنة وتعزيز هيبة الهيئة في مراقبة السوق المحلية مع عدم الإخلال بحقوق المخالف بكفالة حقه في التظلم ووقف تنفيذ قرارات الهيئة من خلال القنوات الإجرائية التي تتيح له ذلك. ويؤكد الزهراني في ختام حديثه حاجة نظام المنافسة ولائحته التنفيذية لمزيد من المراجعة والتعديل سواء فيما يتعلق بأحكامه أو صياغته وعلى وجهة الخصوص المواد التي لها علاقة بالتعديلات الجديدة. ومن جانبه قال الدكتور أسامة محمد السليماني أستاذ القانون بكلية الحقوق والعلوم السياسة بجامعة الملك سعود "إن بعض التعديلات بنظام المنافسة سيصب حتماً في إعطاء المزيد من الردع لأحكام النظام وبالتالي حماية المستهلك من بعض صور الجشع الذي تمارسه أحياناً بعض المنشآت الصناعية والتجارية بالاتفاق فيما بينها، خصوصاً إذا ما عرفنا الآثار الضارة التي تترتب على إتيان مخالفات المنافسة، وهي آثار في مجملها ذات طبيعة اجتماعية واقتصادية على السواء، فزيادة العقوبة المالية على مخالفات المنافسة ستؤدي حتماً إلى الحد منها نتيجة للأثر الردعي لها على المستويين الخاص والعام، كما إن لنفاذ قرارات لجنة الفصل في مخالفات المنافسة من تاريخ صدورها فوائد عدة لعل من أهمها إعطاء القرار قوة النفاذ الفورية مما يسهم في تحقيق أعلى درجات الردع العقابي وإصلاح الأضرار التي تنتج عادةً عن ارتكاب مخالفات المنافسة، ناهيك عن أن النفاذ المعجل للعقوبة يمنع إطالة أمد تنفيذ الحكم القضائي نتيجة للمهل الطويلة التي تمنحها عادةً جهات التقاضي الاستئنافية، وسيكون لرد جميع المكاسب التي حققها المخالف جراء ارتكابه المخالفة سيكون من شأنه إعادة التوازن الذي اختل بسبب تقييد المنافسة، وقد يكون له كبير الأثر في تعويض الخسائر المالية التي تكبدها المستهلك كنتيجة للمخالفة، وذلك في حال تم التوصل إلى آلية مناسبة لتعويض المتضررين من المخالفة. السليماني