أوضحت الأستاذة الدكتورة "دلال بنت مخلد الحربي" -عضو مجلس الشورى- أن المرأة في الشورى كما الرجل لها نفس الواجبات، وعليها نفس المتطلبات، ومن ثم فهي تؤدي دورها في حدود الصلاحيات التي تتساوى فيها مع شقيقها الرجل. وقالت في حوار ل"الرياض" إنّ التأهيل التعليمي لا يجعل الخريجين والخريجات فاعلين إلاّ في مجال التدريس، فالخطط والمناهج بُنيت على هذا الأساس، ومن ذلك خريجو مدرسي التاريخ، مبينة أن أقسام التاريخ لا تضع في حسبانها تخريج باحثين يستفاد منهم في غير التدريس. أقسام التاريخ تخرّج «مدرسين» وليس «باحثين» ولا نزال بحاجة إلى «مؤرخين سياسيين» وأضافت أنّ البيئة الأكاديمية بحاجة إلى ممارسين لهم حضورهم العلمي، وإنتاجهم المنشور، وليس إلى مثرثرين أو مثرثرات لا يقدمون شيئاً ولم يقدموا شيئاً، وبحاجة أيضاً إلى أن تعتمد أولاً وأخيراً على ضوابط ومعايير تحكمها وأعراف أكاديمية متأصلة في الجامعات العريقة، وبدونها فليس هناك بيئة أكاديمية -كما ندّعي-، محملة الغرب مسؤولية النظرة السلبية ضد المرأة الشرقية؛ لأنّه لا يرغب في التعرف على الحقائق خاصة عن العرب والمسلمين، فهو يكون صورة نمطية ويبني عليها دراسات. أقسام التاريخ لا تزال تخرّج معلمين وليس باحثين وأشارت إلى أنّه لا توجد أي دراسة يمكن من خلالها القول انّ التاريخ أنصف المرأة أو لم ينصفها، فكل ما يطرح اليوم هو مجرد ظنون وآراء لا تستند إلى دراسة مسحية شمولية، متمنيةً للمرأة أن تحظى بحقوقها التي منحها لها الإسلام كاملة دون نقصان، وفيما يلي نص الحوار: تجربة الشورى * بداية حديثنا عن تجربتك الشورية، لا سيما بعد مرور سنة شورية كاملة على انضمامك للمجلس، هل واجهتن تحديات من المجتمع؟ - التجربة مفيدة وقد أثرتني بشكل كبير جداً بخبرات جديدة وعالية، أما بالنسبة لمواجهة التحديات، لا، بل على العكس الكثير من أفراد المجتمع يدعمنا وينتظر منا القيام بدور فاعل ومؤثر في خدمته. * يعتقد البعض أنّ انضمام المرأة للشورى شكلياً، أو لطرح قضايا المرأة وإثارتها، بل إنّ هناك من اختزلها في قيادة المرأة للسيارة، ما هو رأيك؟ - المرأة في الشورى هي كما الرجل لها نفس الواجبات، عليها نفس المتطلبات، ومن ثم فهي تؤدي دورها في حدود الصلاحيات كما الرجل. * ما هو رأيك بموقف مجلس الشورى واتخاذه مبدأ الصمت حيال من يتطاول على عضواته ويقذفهن من دون أن يكون هناك ملاحقة قانونية من المجلس لمن أساء لأعضائه وعضواته، وهل المجلس يتكفل بحمايتكم؟ - على من يُساء إليها أن تتولى أمر الدفاع عن نفسها، وملاحقة المسيء، أما موقف المجلس فلا أعرف عنه شيئاً، فمثل هذا السؤال يوجه إلى مسؤولي المجلس. * هل طموح المرأة السعودية يتوقف عند مجلس الشورى، وعند أي حد سيتوقف الطموح الأنثوي؟ - الطموح الأنثوي لا يتوقف عند حد كما هو عليه الطموح الذكوري. * ما الذي تتطلعين لتقديمه خلال عضويتك في مجلس الشورى للوطن بصفة عامة، وللمرأة بصفة خاصة؟ - للوطن: أتطلع إلى الخير العميم والنماء والازدهار والرفعة، وللمرأة: أن تحظى بحقوقها التي منحها لها الإسلام كاملة دون نقصان. دراسات المرأة * تميزتِ بالتركيز على دراسات المرأة وتاريخها في المملكة، وهو النمط الذي تفردت به، وحصلت من خلاله على شهرة واسعة، خاصةً بين الباحثين الأجانب، ما هي الإغراءات التي قادتك لمثل هذه الدراسات الجريئة في مجتمعنا المحافظ؟ - ليست بجرأة هي مجرد إعادة صورة ما كانت عليه المرأة في المجتمع النجدي، والمعلومات متوفرة لكنها متناثرة في أوعية معلومات مختلفة، ولعل ما قدمته هو إعادة تكوين هذه المعلومات على نحو يوضح الصورة ويقربها من القارئ المعاصر، وما قدمته لا تعارض بينه وبين المجتمع المحافظ أو غير المحافظ. * هل ترين أن التاريخ أنصف المرأة العربية بوجه عام والمرأة السعودية بوجه خاص، وما هي الأسباب؟ - هذا الأمر يحتاج إلى دراسة دقيقة، والمؤسف أنّه لا توجد أي دراسة يمكن من خلالها القول إنّ التاريخ أنصف المرأة أو لم ينصفها، فكل ما يطرح اليوم هو مجرد ظنون وآراء لا تستند إلى دراسة مسحية شمولية. * هل نظرة الغرب للمرأة العربية بشكل عام سلبية في أكثر الأحيان، من المسؤول؟ - المسؤول هو الغرب نفسه؛ لأنّه لا يرغب في التعرف على الحقائق خاصة عن العرب والمسلمين، فهو يكون صورة نمطية ويبني دراساته عليها. * ما رأيك في الربيع العربي ودور المرأة فيه، وهل سيكون له نصيب من دراساتك؟ - لا أعرف دور المرأة في الربيع العربي، الربيع العربي قضيته شائكة تحتاج إلى متخصصين في الدراسات السياسية، ومن ثم فهذا الموضوع لا يعنيني في مجال الدراسة. * داعبت مخيلاتنا بشخصيات نسائية تقلدت دور البطولة في زمانها من خلال دراساتك التاريخية، فكيف ترين المرأة السعودية في زمانها وهل تتقلد دور البطولة كسابقتها –مع اختلاف الزمان والظروف-؟ - لكل زمان نساؤه، أنا لم أقدم النساء اللاتي درستهن بأدوار بطولية، بل قدمتهن كما كن عليه، والمرأة المعاصرة يختلف وضعها عن المرأة السابقة؛ بسبب ظروف الحياة وطبيعة دورها، والنقلة الكبيرة التي مرت بها في العقدين السابقين؛ مما يصعب من أمر إجراء مثل هذه المقارنة. الدراسات التاريخية * هناك من يبرر عدم تقديم الدراسات التاريخية المتخصصة بعمق وإسهاب بالمعوقات والصعوبات التي تواجه المؤرخ، فما هي المعوقات والمحبطات التي قفزتِها لتبدعي؟ - كل عمل يحتاج إلى صبر وجهد وإخلاص ومن ثم تسهل كل الصعاب، ويتم تجاوز العقبات، ومن يبرر بعدم تقديم دراسات جادة بوجود معوقات لا يستحق أن يكون مؤرخاً، فالبحث التاريخي يحتاج إلى تنقيب وتحليل ونقاش واستخدام العقل في ربط الأحداث والخلوص إلى نتائج. * قلت سابقاً "يجب أن لا ننظر أو نلتفت إلى نظرات الخارج وما يريده الخارج منا"، ما الذي تريدين إيصاله؟ - ليس كل رأي من الغرب سليم يجب علينا اتباعه أو السير خلفه نحن أمة لنا عقيدتنا وتاريخنا، ولا شك أننا نختلف كثيراً عن الغرب ويجب أن نحافظ على اختلافنا، وهو اختلاف لا يعني الكراهية ولا يعني عدم الأخذ بالنافع والمفيد منهم. * البعض يرى أن مؤلفاتك كانت منحازة وغالبيتها عن المرأة النجدية، ما هو تعليقك؟ وأين هن باقي النساء السعوديات من جهودك؟ - تخصصت في دراسة المرأة النجدية بحكم قراءاتي وبيئتي، وعدم حديثي عن المرأة في المناطق الأخرى لا يعني انحيازاً للمرأة النجدية، فهناك في المناطق الأخرى من هو أقدر مني على دراستها، ومع ذلك فقد قدمت شيئاً عن المرأة المكية بعنوان "المرأة المكية وخاصية المكان"، ودراسة عن "غالية البقمية" وهي من "تربة"، وأيضاً دراسة عن "فاطمة الفضلية" وهي من عالمات مكة في القرن 13ه، ودراسة عن "إصلاح كتاتيب البنات" في الحجاز، وقدمت في مناسبات مختلفة موضوعات عن المرأة السعودية بشكل عام، ومثل هذا التفكير غريب جداً وهو بشكل قاطع لا ينطبق عليّ إطلاقاً. * همّش التاريخ ومناهج التاريخ القيادات النسائية ك"غالية البقمية وفاطمة السبهان"، فكيف ممكن لنا أن نصنع من هاتين الشخصيتين نموذجاً لفتياتنا؟ - هذا يتم عندما يعاد النظر في مناهج التاريخ بتضمين تاريخ المرأة أو جعل المرأة جزءا مهماً وفسح المجال لها وإبراز دورها على مر العصور. * التاريخ القبلي والطائفي، هل ترينه محركا جيدا لإحياء العصبية بيننا كلما حاولنا دفنها؟ - كاتب أو دارسة التاريخ في كل مجال مطلوب أن يكون حيادياً ومنهجياً، ولكن إذا كتب بحس غير حيادي فإنّه سيكون وسيلة للهدم وللتنافر، وهذا يعم كل المجالات التي تدرس التاريخ. أقسام التاريخ * التاريخ مهم في كل مجال، ولكن لا تزال الخدمة المدنية تحصر وظائفه في التدريس فقط، حتى فقد بريقه في أوراق التوظيف، ما هو رأيك؟ - هذا صحيح؛ لأنّ التأهيل لا يجعلهم فاعلين إلاّ في مجال التدريس، فالخطط والمناهج بنيت على هذا الأساس لتخرج مدرسي تاريخ، وأقسام التاريخ لا تضع في حسبانها تخريج باحثين يستفاد منهم في غير التدريس، ثم ليست هناك -مع الأسف- حركة بحث على مستوى المراكز والجامعات تستفيد من العاملين في مجال التاريخ، إلاّ على نحو قليل جداً. * هل التعليم العام ساهم في تنفير الشباب من التخصص في التاريخ؟ - ما أعرفه أنّه في أرقى الجامعات هناك أقسام للتاريخ، وهناك إقبال عليه، ولكن في مدارسنا وجامعاتنا يقدم بصورة تقليدية منفردة، ويكون التركيز فيه على الحروب، وحفظ الأسماء والتواريخ، ومثل هذا الأمر لا يشجع على القبول، ولا يسهم في ترسيخ المفاهيم والمعاني التي يراد منها دراسة التاريخ والتعمق فيه. * قلتِ ذات مرة "البيئة الأكاديمية غير محفزة على الإنتاج وسلبية محبطة"، ما الذي ترغبين في إيصاله؟ - أن تتحول البيئة الأكاديمية إلى بيئة فاعلة في مجال البحث العلمي المفيد للمجتمع والذي يضيف معرفة جديدة، وأن لا تقتصر على البحوث والدراسات التي تقدم للترقيات وتضمن في بطون الدوريات أو أوراق المؤتمرات، وتنسى مع مرور الوقت، والبيئة الأكاديمية بحاجة إلى ممارسين لهم حضورهم العلمي، وإنتاجهم المنشور، وليس إلى ثرثارين لا يقدمون شيئاً، كما أنّها بحاجة إلى نماذج يقتدى بها، وليس نماذج تنتقد، وتنظر، وتقود من دون أن يكون لها أي جهد في مجال البحث، ومع الأسف هم وهن كثر، كما أنّها بحاجة إلى أن تعتمد أولاً وأخيراً على ضوابط ومعايير تحكمها، وأعراف أكاديمية متأصلة في الجامعات العريقة، وبدونها فليس هناك بيئة أكاديمية كما ندعي. * ما هي الأسباب خلف عدم الإفادة من المؤرخين في رصد المشهد السياسي، وتاريخ بعض الدول مع المملكة كإيران على سبيل المثال؟ - عدم وجود المراكز البحثية التي تشجع على ذلك، وعدم عناية الجامعات بتدريس مواد لها صلة بإيران وغيرها من دول العالم غير العربي.