طوفان من الكلام المتطرف يصدر عن بعض المسلمين يثير التساؤل عن الأكثر إساءة للإسلام، هل تأتي الإساءة من بعض المسلمين أم من غيرهم؟ نتذكر أن مرشد الإخوان المسلمين في مصر قال إن ما فعله السيسي في مصر يفوق جرم ما لو كان قد حمل معولاً وهدم به الكعبة المشرفة حجراً حجراً. قيادي آخر في الجماعة قال إن الانقلاب على مرسى لا يقل عن الشرك بالله. هل نحن في سباق إثارة؟ فقد خرج علينا من يحصر دخول الجنة بفئة معينة ومنطقة معينة وكأنه يملك مفاتيح الجنة! وهكذا يستمر الطوفان الذي أحتار في تسميته وإن لم تحيرني أسبابه ومنها أسباب سياسية ومصالح حزبية ومنافسات بعيدة عن الفكر العلمي والسياسات العملية الاستراتيجية. إن أقرب وصف لهذه الحالة هي أن التطرف يقود إلى التطرف. في دول غير إسلامية تقيم الأمور بالأفعال وليس بالأقوال وقد تخرج المنافسات السياسية عن الخط الموضوعي ولكنها حالات نادرة ذلك أن معايير النجاح والفشل في هذه المنافسات هي البرامج الانتخابية والخطط المطروحة، وليس التسابق في الخطابة والمديح والهجاء. مؤسف أن تكون ساحة العرب حلبة للمبارزة الكلامية وليس ساحة للفكر والثقافة والعلوم والتنمية الإنسانية. المؤسف أكثر أن تتحول تلك المبارزة إلى القتال والأخذ بمبدأ التصفية بدلاً من الحوار والالتقاء عند مصلحة الوطن. حتى الربيع العربي لم ينتج عنه غير الهجاء والدماء وغياب الحكمة والوحدة الوطنية والحوار الحضاري. الشعارات التي أطلقها ذلك الربيع كانت عن العدالة، والديموقراطية، والحياة الكريمة، والأمن. أما الواقع فهو بعيد عن تلك الشعارات حيث أصبحت الانتماءات الحزبية أقوى من المصلحة الوطنية وتطرفت هذه الانتماءات حتى درجة التعصب وهذا يفسر الانفلات في الخطابات والتصريحات، ونشوء الميليشيات، والفوضى المسلحة كما هو الحال في ليبيا التي وصلت إلى ما وصلت إليه نتيجة حكم سابق لم يرفع شعار العلم والتنمية وإنما رفع أفكاراً متطرفة وشعارات ورقية وإدارة لا علاقة لها بالعلم والسياسة والتنمية. إنها حالة خطاب عربي لا يخاطب العقول ولا يقدم الحقائق ولا المعلومات ولا الخطط المستقبلية وإنما يتجه إلى قاموس اللغة بحثاً عن الكلمات التي تسبب الانقسام وتهدم جسور التواصل بين أبناء الوطن. ومن المعروف أن التطرف الفكري يؤدي إلى لغة عنيفة ثم سلوك عنيف قد يتطور ويصل إلى مرحلة الإرهاب. حين يصل التطرف إلى هذه المرحلة الخطيرة تصبح الحلول الوقائية مطلباً ضرورياً مكملة للحلول الأمنية. هذه الحلول الوقائية تتمثل في منظومة كبيرة من أهم عناصرها الدين والتربية والتعليم والثقافة والإعلام.