في مجال المعاملات المالية والمصرفية وما يحصل من عقود تمويل سواء عقود مع الأفراد أو الشركات تظهر أهمية السجل الائتماني للفرد أو الشركة، والمقصود به معرفة الوضع المالي لهما والقدرة على الوفاء بالالتزامات من عدمه مع جهات التمويل، ومن هنا ظهر نظام المعلومات الائتمانية الصادر بقرار مجلس الوزراء رقم (188) وتاريخ 4/7/1429ه والمتوج بالمرسوم الملكي رقم م/37 وتاريخ 5/7/1429ه والذي نص على حقوق وواجبات شركات المعلومات والأعضاء وحقوق المستهلكين، وما يهمنا في هذا المقال هو التركيز على حقوق المستهلكين بحكم أنهم الشريحة الكبرى وهي مدار النظام وجوهره. والقضية التي أريد أن أعرضها ثم اعقب بالرأي فيها، هي ليست قضية عين بل أنموذج لقضايا متعددة تقع بشكل متكرر وربما لا يخلو منها بيت، الا وهي مسألة القائمة السوداء أو المتعثرون لدى شركات المعلومات الائتمانية وهذه القضية سئلت عنها كثيراً وعن مدى الاجراء النظامي لعمل شركات المعلومات والاعضاء التابعين لها، ومن خلال متابعتي لآلية عمل البنوك وشركات التمويل وكيفية الاستفسار عن السجل الائتماني للمستهلك وجدت أن ذلك يتم عبر فرض نموذج الإفصاح عن المعلومات الائتمانية عند التقدم لطلب التمويل ومن ثم بعث الموافقة المشترطة على العميل الى شركات المعلومات للإفصاح عن ذلك وهنا تقوم شركات المعلومات ببيان حالة المستهلك ومدى قوة سجله الائتماني ومدى وجود أي تعثر مع أعضاء اخرين. وبالنظر والتمعن في نظام المعلومات الائتمانية نجد أنه أعطى للمستهلك خصوصية تامة فلا يحق لشركات المعلومات ولا للأعضاء التابعين لها الاطلاع على سجله الائتماني الا بعد عدة اجراءات سابقة لها، فمن ذلك ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة الخامسة من ذات النظام وكذا المادتان التاسعة والثلاثون والأربعون من اللائحة التنفيذية حيث اشترطت للحصول على السجل الائتماني للمستهلك أخذ موافقته الخطية، وفي هذا دلالة واضحة على اعتبار ارادة المستهلك وعدم وجود الإذن النظامي اساساً للحصول على السجل الائتماني فيحق للمستهلك الامتناع عن إنشاء سجل ائتماني له ولا يحق لأحدٍ أن يتعدى على إرادته كما لا يحق للبنوك ولا غيرها فرض مثل هذا الأمر عليه استغلالاً لحاجته ومن ثم استعمال سجله الائتماني كوسيلة ضغط عليه مع احتمال وجود خلاف بينه وبين تلك الجهة التي تعدت على خصوصيته ومن ثم وضعه على قائمة المتعثرين في السداد كماهو الحال الآن، كما نصت الفقرة الأولى من المادة التاسعة على منع تأسيس سجل ائتماني للمستهلك في المرة الأولى الا بعد موافقته الخطية، إن النص على موافقة المستهلك يجعل الأمر خاصا به ومن حقوقه التي لا يجوز لأحدٍ انتهاكها تحت مبررات حفظ الحقوق أو غيرها، وليس لأي جهة كانت التعذر بأن إنشاء وطلب وتداول السجل الائتماني من ضرورات آلية التمويل إذ أن هذا الخوف المحتمل لدى هذه الجهات لا يخولها باستعمال هذا الأمر بإطلاق وعلى كافة المستهلكين بل تقدر الحاجة بقدرها خاصةً فيما يخص استعمال معلومات السجل في الضغط على المستهلك وذلك بوضعه على قائمة المتعثرين دون سابق اتفاق او على الأقل انذار خطي له. الأمر الآخر في هذا الموضوع وهو من حقوق المستهلك وهو نص الفقرة الثانية من المادة الرابعة والأربعين من اللائحة حيث أعطت للمستهلك الحق في تقديم شكوى لدى الشركة إذا احتوى سجله الائتماني على خطأ أو معلومات غير مكتملة، وكثير من المواطنين بمجرد وضع اسمه على قائمة التعثر يستسلم لها مع وجود خلاف قائم مع الجهة التي رفعت اسمه الى شركة المعلومات ولم يعلم هذا المواطن أن من حقه تقديم هذه الشكوى وايقاف معلومات السجل حتى البت في القضية، ومن حقوق المستهلك (الضائعة) إن صحت العبارة مانصت عليه المادة السادسة والأربعون من اللائحة حيث أعطت له الحق في تقديم اعتراض على أي قرار سلبي يتخذ بحقه بسبب معلومات السجل الائتماني إما لعدم صحتها أو عدم اكتمالها أو قدمها وانتهاء المدة النظامية للاحتفاظ بالسجل الائتماني وهي خمس سنوات، فبعض شركات المعلومات تبقي السجل سنوات طويلة مما يسبب الضرر للمستهلك والمخالفة للنظام، وهنا يتوجب على شركات المعلومات أن تجري التحقيق في اعتراض المستهلك وبيان النتيجة خلال ثلاثين يوم عمل وإذا لم تكن النتيجة مرضية للمستهلك فله الحق بالتقدم الى اللجنة المشكلة للفصل في منازعات شركات المعلومات الائتمانية بمؤسسة النقد العربي السعودي.