خلال مسيرتها التاريخية الطويلة، وفي علاقاتها مع دول الجوار وبقية الدول العربية والصديقة، وفي تعاملها مع أصعب وأحرج المواقف لم يسجل على المملكة أي خروج عن النهج العام والطريق المستقيم في سياساتها ومواقفها. هذه الحقيقة الثابتة جعلت المملكة، ولله الحمد، تتبوأ مكانة عالية وتحظى بقبول في كافة المحافل والملتقيات، وجعل المملكة أيضاً ملاذاً لكل طالب نصح وتوجيه فيما قد تتعرض له بلاده من أزمات أو توتر في العلاقات مع الآخرين. لعلنا أيضاً نضيف أن المملكة في سياستها الداخلية والخارجية لا ترضى بأن يصيب الضرر أراضيها أو مواطنيها، أو تمس سياستها الخارجية الرزينة بأي نقد سواء بسبب سوء الإدراك والفهم، أو التفسيرات غير المقبولة. الملك عبدالعزيز (رحمه الله) وضع اللبنة الأساسية في بناء سياسة المملكة الخارجية والداخلية، وجاء من بعده أبناؤه فأكملوا المسيرة. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تجلت الصورة في أبهى حللها ورأينا قادة العالم وزعماءه يوثقون أواصر العلاقات مع المملكة ويفدون إليها ويستأنسون برأيها تجاه الكثير من المتغيرات الدولية والإقليمية. البيان السعودي الإماراتيالبحريني تجاه قطر الذي صدر الأسبوع الماضي، وما احتواه من تفاصيل ومرتكزات بُني عليه موقف موحد وقرار ثلاثي بسحب السفراء من الدوحة. هذا البيان لم يخرج في إطاره العام عن النهج السوي الذي تسلكه المملكة في تعاملها مع قضاياها والتطورات العربية والإقليمية. المملكة في توحيد موقفها مع دولة الإمارات ومملكة البحرين إنما تسير في الطريق نفسه الذي بنت عليه سياستها وتعاملاتها منذ زمن. البيان الثلاثي جاء في منطقه العام مؤكداً ومترجماً للنظام الأساسي وميثاق مجلس التعاون، ومن هنا فلا خروج عن المسار، ولا اصطياد في مياه عكره. هناك من يحاول أن يصور المملكة بأنها تسعى إلى مواقف أُحادية بعيدة عن الاجماع والوحدة، وهناك من يحاول أن يضع المملكة في قفص الاتهام مدعياً أنها، من واقع ثقلها ومكانتها، تتبنى مواقف تخالف ما نادت وتنادي به، ولكن لو القينا نظرة متأنية فاحصة للبيان الثلاثي تجاه قطر وما احتواه من تفاصيل سياسية وتدرجات في اتخاذ القرار لوجدنا أن المملكة تجاوزت القرار الأُحادي وعملت على تحقيق مصلحة عامة تهم جميع دول المجلس، ومن هنا فنحن لا نتحدث عن موقف سعودي وإنما موقف أشقاء في الدول الثلاث تهمهم مصلحة المنطقة واستقرار ورخاء شعوبها. لا يمكن لأي كان أن يرى في دعم الإرهاب مصلحة، ولا يمكن قبول العمل ضد مصالح المنطقة وسكانها، ولا يمكن أيضا أن تُقر دولة دعم قوىً خارجية للإضرار بها ومصالحها، ومن هنا جاء البيان الثلاثي من المملكة والبحرينوالإمارات ليعبر عن رؤية مشتركة وحرص أكيد على خليج عربي آمن بعيد عن الصراعات والمكائد وتربص الأعداء.