اضطرت كل من المملكة والإمارات والبحرين لسحب سفرائها من قطر اعتبارا من يوم أمس، يأتي ذلك حسب ما جاء في بيان مشترك للدول الثلاث، إذ جاء فيه: إنه من منطلق الرغبة الصادقة لدى قادة دول الخليج بضرورة بذل كافة الجهود لتوثيق عرى الروابط بين دول المجلس، ووفقا لما تتطلع إليه شعوبها من ضرورة المحافظة على ما تحقق من إنجازات ومكتسبات وفي مقدمتها المحافظة على أمن واستقرار دول المجلس، والذي نصت الاتفاقية الأمنية الموقعة بين دول المجلس على أنه مسؤولية جماعية يقع عبئها على هذه الدول. هذه الخطوة، اعتبرها المحللون السياسيون الخليجيون أنها تأتي في إطار ميثاق دول مجلس التعاون الذي يدعو إلى الأمن الجماعي لدول الخليج. وأكد المحلل الاستراتيجي السعودي فضل بن سعد البوعينين، أن المملكة تعتمد الحكمة والعقلانية في معالجتها لنقاط الخلاف مع الدول الشقيقة، وهذه سياسة درجت على تطبيقها حتى في أحرج الظروف وأعقدها، لذا يمكن القول بأن قرار السعودية بسحب سفيرها لم يحدث إلا بعد أن استنفدت جميع الطرق الدبلوماسية والوساطات الأخوية التي لم تنجح في حمل الحكومة القطرية على الالتزام بالاتفاقيات والتعهدات التي من شأنها حماية أمن الخليج واستقرار دوله. وأضاف: إن القرار الجماعي للسعودية والإمارات والبحرين بسحب السفراء يمكن تبريره، وهو تصرف يحمل كثيرا من الدبلوماسية والرقي في رسالة لإعادة قطر لمواقفها مما قد يضر بأمن ومستقبل مجلس التعاون ودوله بشكل عام. فالمساس بالأمن القومي يفترض أن يواجه بحزم. وأشار إلى أن مصالح قطر مرتبطة بجيرانها، وفي مقدمتهم السعودية والبحرين والإمارات الذين يحيطون بحدودها البحرية والبرية ويمثلون عمقها الاستراتيجي، وهذا أمر يفترض أن يكون في حسابات الحكومة القطرية. واختتم حديثه قائلا: كل ما نتمناه كشعوب دول الخليج، أن تلتزم حكومة قطر بمضامين الاتفاقية، وأن تعود العلاقات الخليجية إلى سابق عهدها، وهي أمنية الحكومات الخليجية التي تشعر بها وهي تدافع عن حقوقها الأمنية. ووافقه الرأي الدكتور جمال البوحسن، عضو البرلمان البحريني قائلا: إن أمن الخليج ووحدته واستقراره خط أحمر لا يمكن أن يمس. وأضاف: إن الخطوة التي اتخذتها كل من السعودية والبحرين والإمارات تأتي ضمن الحفاظ على المصلحة الخليجية ووحدة الصف. واعتبر السلوك القطري، أنه لا يصب في مصلحة ميثاق دول مجلس التعاون الخليجي الواحد الذي وقعت عليه قطر، مستغربا في الوقت ذاته، المواقف القطرية التي تقف أحيانا حجر عثرة في وجه مصلحة جيرانها وإخوانها في دول المنطقة . وشدد على ضرورة أن تبتعد قطر عن التدخل في شؤون الدول، لافتا إلى أن الاستمرار في نهج التدخل يؤثر على محيطها العربي، الأمر الذي يجعلها تعيش في عزلة ومحيط رافض لسياساتها. ومن جانبه، أكد الدكتور عبدالخالق عبدالله، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، أن القرار خطوة غير مسبوقة في سياق التعاون الخليجي، وهذه رسالة خليجية شديدة اللهجة إلى السلوك القطري الذي يضر بمبادئ التعاون والأمن والاستقرار في دول الخليج العربي. وأشار إلى أن الكرة الآن في الملعب القطري، وعليها أن تقايض بين هذا النهج المخالف لدول الخليج وبين العودة إلى الحضن الخليجي الواحد. وأفاد عبد الخالق، بأن الخليج العربي سيظل قويا ومتماسكا وقادرا على تجاوز تلك الأزمات والمحن. وفي نفس السياق، عبر المحلل الاستراتيجي الكويتي الدكتور ظافر العجمي، عن خيبة أمله مما جرى، خصوصا أن قرار سحب السفراء جاء بعد محاولات عدة لإقناع قطر بتغيير موقفها من بعض القضايا المتعلقة بأمن الخليج، وكذلك موقفها مما يحدث في بعض الدول العربية. إلا أنه قال: ما زلت أرى بريق أمل في المصالحة الخليجية، فقد حقق الشيخ صباح الأحمد أكثر من مصالحة خليجية.