يتحول اللون فى بعض الأساليب الفنية الى لحن بصرى فلا يهم عند النظر إليه أن نشاهد من خلاله عناصر ملموسة أو أطياف أشكال أو أشكال بقدر الاستمتاع بتصور اللمسة اللونية ومكانها وما نتج عنها من تكوينات وتنغيمات لونية والأثر الذي تحدثه فى تشكيل سيمفونية تطرب العين، وتيقظ الحس، محدثة بذلك جدالا فكريا في خيال المتذوق أو المشاهد للوحات الفنية. بهذا المضمون السابق ذكره شهدت الرياض عاصمة الوطن معرضا تشكيليا للفنان المصرى الدكتور «فاروق حسني» وزير الثقافة السابق لجمهورية مصر العربية « بجاليرى نايلا « للفنون بشارع التخصصي الأسبوع الماضي وما زال المعرض قائما الى بداية الشهر القادم. عرض الفنان المعروف بأسلوبه التجريدى التعبيري عددا من اللوحات الفنية التى عكست الحالة المزاجية اللونية بطرح فلسفي نلمس من خلاله الميول الى الرؤية الذاتية بمفردات لونية شعرية نستطيع تحليلها من خلال عامل التصور البصري والقدرة على التشكيل التجريدي البحت بتوظيف اللون وانسيابيته في لوحات الفنان . الفنان فاروق حسني الذى تخرج عام 1942 م من أكاديمية الفنون الجميلة بالإسكندرية – «تخصص ديكور» بدأ مشواره الفنى برسم المناظر الطبيعية والمناظر البحرية بحكم إقامته فى منطقة ساحلية استلهم من طبيعتها رسوماته، وفي منتصف الستينات تم تعيينه مديرا لقصر الثقافة بالأنفوشي ، ومن ثم تم تعيينه كملحق ثقافي ومديرا للمركز الثقافي المصري في باريس عام 1971م ، كما أدار الأكاديمية الفنية المصرية بروما لمدة ثمانية أعوام عاد بعدها الى مصر وزيرا للثقافة المصرية عام 1989م . ولم تثن مسؤوليات الفنان الوزير» كما كان يلقب» عن الفن الذي عشقه وتخصص به فقد عرض في أغلب دول العالم لوحاته منها : باريس وروما ، والولايات المتحدةالأمريكية ، والبحرين، وفيينا ، وطوكيو ، والكويت، وغيرها ، فلوحاته كما نلمسها تتحدث بلغة الفن الحديث والمعاصر بأسلوب تجريدي مستلهم من طبيعة بلاده فجاء لونه ليعبر عن لغز دينامكي بالخط واللون إثر تراكمات من الخبرات الذاتية التي آثر الفنان توظيفها برموزه وطلاسمه الخاصة لتعكس للرائي حالة لونية تمزج الشعور واللاشعور وتتعدد في الصور لتحدث حالة من التأمل والتحليل وقد يلفت النظر إليها تكرار حرف «V « باللغة الانجليزية وهو اختزال رمزي لكلمة «Victory « باللغة الإنجليزية وأصبحت تستخدم دوليا للتعبير عن النصر أو الفوز ونجد الفنان فاروق قد استخدمها لربط عناصر تعبيرية مختزلة مستلهمة من طبيعة بيئته التي عبر عنها باللون الأزرق للنيل والبحري، والأسود لطبيعة الأراضى الطينية الخصبة، والأصفر للصحراء ، ومن ثم دمج جميع هذه الألوان ليعبر عن انعكاس مزجها معا بلون السماء الرصاصى الذي نشاهده في أغلب أعماله. نستطيع تحليل لوحات فاروق حسني بأنها تعبر عن فاروق حسني في ذاته فالحالة الانفعالية أو الكمون أو شتات الأفكار والأحاسيس نلمسها بوضوح عندما نركز اهتمامنا على مضمون هذه العناصر التى ترجمت الى معزوفة لحن لوني ارتقت بها مشاعر الفنان لتبعد عن التقيد بالأساليب والقواعد الأكاديمية الصارمة لتنسج عملا تشكيليا يعبر عن الحالة الوجدانية التى ترتقي الى مشاعره في تشكيلات جمالية يمكن أن نطلق عليها الحدس الجمالي. فاروق حسني