أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس باختبار مدى الاستعداد القتالي لقوات الجيش الروسي المتمركزة في مناطق غرب ووسط البلاد القريبة من أوكرانيا. وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن الرئيس بوتين أمر أيضاً باختبار مدى تأهب قوات الإنزال الجوي. وأضاف إن الاختبار سيشمل مدى قدرة قوات الجيش الروسي على التعامل مع مواقف الأزمات والتهديد العسكري. وقال الوزير إن الاختبار سيبدأ فورا وسيتم على مرحلتين، وانه سينتهي في الثالث من آذار/مارس المقبل. وكان بوتين أمر العام الماضي عدة مرات بإجراء مناورات عسكرية وذلك قبل وقت قصير من إجراء هذه المناورات. وتأتي الاستعدادات العسكرية هذه المرة في أجواء أوروبية مشحونة بالتوتر في ظل الأزمة السياسية التي تشهدها أوكرانيا. إلى ذلك، أعلن وزير الدفاع الروسي ان بلاده تبحث اقامة عدد من القواعد العسكرية الجديدة في فيتنام وكوبا وفنزويلا ونيكاراغوا وجزر سيشل وسنغافورة. وتعيد التحركات العسكرية الروسية إلى الأذهان، الاجتياح السوفياتي للجمهورية الاشتراكية التشيكوسلوفاكية، في العام 1968، وقمع محاولة الحزب الشيوعي التشيكوسلوفاكي لتحقيق نهج إصلاحي أقرب للديمقراطية، عرف بتسمية "الاشتراكية ذات الوجه الإنساني". في بروكسل، قال وزير الدفاع البريطاني فيليب هاموند أمس، في تصريح على هامش لقاء وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي "الناتو"، إن بلاده ستتابع الانشطة العسكرية الروسية وإنها ترفض التدخل الخارجي في أوكرانيا. وحين سأل الصحافيون هاموند عن الأمر الذي أصدره الرئيس بوتين، قال "من المؤكد والواضح أننا نريد أن نكون على اطلاع كافٍ على أي أنشطة تقوم بها القوات الروسية." وأضاف "سنحث جميع الأطراف على أن يتركوا الشعب الأوكراني ليسوّي خلافاته الداخلية ثم يحدد مستقبله بدون تدخل خارجي." من جانبها، أكدت وزيرة الدفاع الألمانية أورزولا فون دير لاين عدم إمكانية التوصل الى حل للأزمة في أوكرانيا بدون التعاون مع روسيا. ورأت الوزيرة ضرورة إشراك روسيا في التوصل لهذا الحل وقالت "بدون روسيا لن يكون هناك حل". وأشارت فون دير لاين إلى وجود مجلس يضم الناتو وروسيا ومجلس آخر يضم الناتو وأوكرانيا وقالت "لابد أن يتم البحث عن حل (للأزمة في أوكرانيا) بالتعاون سواء بين روسيا والناتو أو بين روسيا وأوروبا". وفي واشنطن، دعا وزير الخارجية الاميركي جون كيري أمس روسيا الى الوفاء بوعدها واحترام وحدة تراب أوكرانيا بعد صدامات في منطقة القرم، جنوباوكرانيا. وقال كيري لمحطة "ام اس ان بي سي" "نقول بوضوح ان على كل البلدان احترام وحدة تراب اوكرانيا وسيادتها. روسيا قالت انها ستفعل ونعتقد انه من المهم ان تفي روسيا بوعدها". في هذه الأثناء، كثفت السلطات الجديدة في أوكرانيا جهودها للنهوض بالبلاد التي تواجه مخاطر الافلاس وتيارات انفصالية، وستقدم حكومة انتقالية فيما تم حل قوات الشرطة الخاصة التي قمعت المتظاهرين. والشخصيات التي ترد اسماؤها بشكل متكرر لمنصب رئيس الوزراء هم المصرفي زعيم الحركة الاحتجاجية ارسيني ياتسينيوك والثري المعارض بيترو بوروشنكو ورئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشنكو. غير ان تيموشنكو اعلنت من قبل انها غير مهتمة بالمنصب وتستعد للتوجه الى ألمانيا لتلقي العلاج. وقال محللون في شركة "كابيتال ايكونوميكس" ان اوكرانيا تحتاج الى "مساعدة مالية سريعة وكبيرة تقدر ب20 الى 25 مليار دولار". وتراجع سعر العملة الاوكرانية 5% بعد ظهر أمس امام الدولار. ومنذ مطلع العام خسرت حوالي 18% من قيمتها. وقال نائب وزير المال الروسي سيرغي ستورشاك ان روسيا التي وعدت العام الماضي بتقديم قرض قيمته 15 مليار دولار، لم تصرف منه سوى ثلاثة مليارات حتى هذه المرحلة، و"ليس لديها التزامات قانونية" لدفعه. وحالياً يزور كييف مسؤولون غربيون كبار بينهم الرجل الثاني في الخارجية الاميركية وليام بيرنز ووزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون لاقتراح المساعدة على السلطات الاوكرانية الجديدة دون اغضاب موسكو. وعمدت روسيا أمس الى تعزيز الاجراءات لحماية أسطولها في جمهورية القرم الناطقة بالروسية في جنوباوكرانيا. ووقعت مواجهات بين متظاهرين موالين لروسيا ومؤيدي السلطات الاوكرانية الجديدة في سيمفيروبول عاصمة جمهورية القرم المستقلة، فيما كان رئيس البرلمان المحلي يعلن رفض اي نقاش حول احتمال الانفصال. وتبادل المتظاهرون، وعددهم الآلاف من كل جانب، بعض اللكمات وكثيرا من الشتائم، ورفع بعضهم اعلاما روسية، قبل ان تشكل الشرطة طوقا امنيا للفصل بين الطرفين امام البرلمان المحلي في سيمفيروبول. ويطالب المؤيدون للروس بتنظيم استفتاء حول الوضع في القرم وهي فرضية رفضها رئيس برلمان القرم فلوديمير كونستانتينوف. وقال المتحدث باسمه ان "البرلمان لن يطرح مسألة خروج القرم من اوكرانيا. انه استفزاز يرمي الى تقويض البرلمان في القرم". واتهم ثلاثة رؤساء اوكرانيين سابقين في بيان مشترك روسيا ب"التدخل مباشرة في الحياة السياسية في القرم". وكتب ليونيد كوتشما وفيكتور يوشتشينكو وليونيد كرافتشوك في البيان "على روسيا ان تحترم خيارات الشعب والحكومة في اوكرانيا". وأعربت المجر من جهتها عن قلقها لاعمال العنف التي تتعرض لها الاقلية المجرية في اوكرانيا على يد اعضاء في حركة (برافي سيكتور) الراديكالية غرب البلاد. واعرب اسقف الكنيسة الأوكرانية للروم الكاثوليك المونسنيور سفياتوسلاف شيفتشوك عن القلق من اندلاع "حرب أهلية" في أوكرانيا. وقال ان خطر الحرب الاهلية يأتي "من الخارج"، ملمحا الى روسيا. وفي الانتظار، اعلن وزير الداخلية الاوكراني الانتقالي أمس حل القوات الخاصة لمكافحة الشغب "بيركوت" التي كان يخشاها المتظاهرون ويكنون لها مشاعر الحقد. وكانت هذه الوحدة رأس حربة القمع ضد المعارضين في أوكرانيا ونشرت لها صور وهي تطلق الرصاص الحي على الحشود. وكان من السهل التعرف على عناصر هذه الوحدة بسبب بزاتهم المختلفة عن بقية وحدات الشرطة والتي كانت عليها شارة نسر أبيض (بيركوت تعني النسر الملكي بالأوكرانية). متظاهرون معارضون ينظمون مسيرة بميدان الاستقلال في كييف ( ا ب ) صورة ممزقة للرئيس الهارب يانوكوفيتش وضعها متظاهرون على خيمة نصبوها بميدان الاستقلال بكييف ( ا ب )