انتشرت الأكاديميات السعودية في الخارج نظراً لتزايد أبناء الجالية الإسلامية والعربية في بعض الدول، خصوصاً في الدول الأوروبية، ومن أهم هذه الأكاديميات أكاديمية الملك فهد في "بون" بألمانيا التي بدأت كفكرة من داخل ألمانيا منذ بداية التسعينات من القرن الماضي، وافتتحت بحضور العديد من الشخصيات السياسية البارزة في ألمانيا وعلى رأسهم عمدة مدينة "بون" ووزير الخارجية الأسبق، وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي. وقال "د.مقرن المقرن" -مدير عام أكاديمية الملك فهد في "بون" بألمانيا- في حديثه ل"الرياض": "الأكاديمية تدرس حوالي (450) طالباً وطالبة ينتمون لأكثر من (20) جنسية، والهدف من إنشائها تقديم خدمة جليلة لأبناء الجالية الإسلامية والعربية المقيمين في أوروبا بوجه عام وألمانيا بصفة خاصة، ولجعلها منارة للعلم وجسراً للتواصل ما بين الغرب والشرق، وتضييقا للمسافات بين الحضارات، وإلقاء الضوء على سماحة الإسلام، وتوضيح مفاهيمه"، وفيما يلي نص الحوار: جسر تواصل * كيف بدأت فكرة الأكاديمية؟ ومتى افتتحت؟ وما أهدافها؟ - بدأت فكرة إنشاء أكاديمية الملك فهد في "بون" من داخل ألمانيا منذ بداية التسعينات من القرن الماضي؛ نظراً لتزايد أبناء الجالية الإسلامية عموماً والعربية بوجه خاص، وقد تبنى خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- آنذاك تلك الفكرة، فأمر بإنشاء تلك الأكاديمية، واختيرت مدينة "بون" مقراً لها، حين كانت عاصمة لألمانيا حينذاك، وبدأ العمل في إنشاء تلك الأكاديمية وتم افتتاحها بألمانيا الاتحادية يوم 15 سبتمبر عام 1995م، بحضور العديد من الشخصيات السياسية البارزة، وعلى رأسهم عمدة "بون" ووزير الخارجية الأسبق، وأعضاء السلك الدبلوماسي العربي. وبدأت في العام الدراسي 1995-1996م بحوالي (450) طالباً وطالبة، ولم تخصص للسعوديين فقط، بل يدرس فيها طلاب ينتمون ل(22) جنسية مختلفة وموزعين على (22) صفاً دراسياً من الصف الأول الابتدائي وإلى الصف الثالث الثانوي، يدرسهم (40) معلماً ومعلمة في كافة التخصصات، ولكن من أهدافها تدريس أبناء السعوديين هناك، وأبناء من يرغبون من الجاليات العربية والإسلامية، والتدريس بالأكاديمية باللغة العربية حسب مناهج وزارة التربية والتعليم بالمملكة، ويضاف إلى ذلك تدريس اللغة الألمانية من الصف الأول الابتدائي إلى الثالث الثانوي، وتدريس اللغة الإنجليزية من الصف الأول الابتدائي. وتشرف وزارة التربية والتعليم بالمملكة على الأكاديمية ممثلة في إدارة المدارس السعودية بالخارج، والأكاديمية أصبحت بحق جسراً للتعاون الثقافي، وتذويب الفوارق ما بين الحضارات، وتسهم وبشكل فاعل في توضيح الصورة الحقيقية للمسلمين والعرب داخل أوروبا، ونجحت في ذلك، حيث إنّ الهدف من إنشائها تقديم خدمة جليلة لأبناء الجالية الإسلامية والعربية المقيمين في أوروبا بوجه عام وألمانيا بصفة خاصة، ولجعلها منارة للعلم وجسراً للتواصل ما بين الغرب والشرق، وتضييقا للمسافات بين الحضارات، وإلقاء الضوء على سماحة الإسلام، وتوضيح مفاهيمه. زيارة الحاكم * هل استطعتم التعايش مع المجتمع الألماني؟ - حظيت الأكاديمية بقبول رسمي وشعبي في ألمانيا، فقد التقينا بالسيد "يورجن نيمتش" حاكم مدينة بون، بمقر رئاسة مجلس المدينة، وهذا اللقاء يعد الخامس منذُ مباشرتي مديراً عاماً للأكاديمية، وذلك يأتي في إطار التعاون الوثيق بين الأكاديمية في بون ورئاسة المدينة، حيث تمت مناقشة ما يهم الأكاديمية وتواصلها مع المجتمع التعليمي والخدمات المجتمعية التي تقدمها الأكاديمية للمجتمع المحيط بها، وسلّم للسيد العمدة تقرير بهذا الخصوص، وانطلاقاً من سياسة الأكاديمية نحو التعايش مع المجتمع الألماني، ووفق برامجها للانفتاح والاندماج فقد زارت الأكاديمية برلمان ولاية "نورد راين وستفالين"، تلبية للدعوة التي وجهتها للأكاديمية السيدة "ريناتا هيندريكس" -عضوة البرلمان عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي ونائبة رئيس الكتلة البرلمانية للحزب مسؤولة شؤون التعليم في جنوب بون-، وقد تعرف الطلاب خلال الزيارة على التركيبة السياسية للولاية، من خلال لقاءاتهم مع المسؤولين في البرلمان. وهذه الزيارة تعدّ الأولى التي تُدعى فيها الأكاديمية منذ تأسيسها لزيارة أهم مؤسسة سياسية في الولاية، وهي مركز صنع القرارات التي تمس حياة (18) مليون ألماني من سكان الولاية، وتنم هذه الدعوة عن تقدير عالٍ من المسؤولين في الولاية لأنشطة الأكاديمية ودورها في خدمة المجتمع المحيط في مدينة "بون"، وإيمانا من الأكاديمية بأهمية دورها فقد تم عقد دورة لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، بمشاركة (30) دارساً من مختلف الجنسيات، وتنفذ للسنة الثالثة، وتأتي في إطار البرامج التي تقدمها الأكاديمية للمجتمع الألماني، واستمرت لثلاثة أشهر ولاقت استحسان الدارسين. مناسبات ثقافية واجتماعية * ماذا عن مشاركاتكم في مناسباتهم الثقافية أو الاجتماعية؟ - في مراسم منح الجائزة الثقافية للعام 2013م لحكومة مدينة بون وجه حاكم مدينة بون السيد "يورقن نمبتش" الدعوة لأكاديمية الملك فهد، وحضرها منسوبو الأكاديمية، وقد شهدت الجائزة حضوراً من قبل كبار كتاب أدب الأطفال في ألمانيا، واستضافت الأكاديمية ولأول مرة إحدى فعاليات هذا المهرجان، حيث زار الأكاديمية أكثر من (500) شخص، وقد شاركت الأكاديمية باستضافة جزء من فعاليات مهرجان القراءة "كبتن بوك" في مدينة "بون"، حيث فتحت الأكاديمية أبوابها للزوار والأدباء والكتاب، كما تم في قبة الأكاديمية عرض أكبر لوحة للطلاب، والتي شارك طلاب الأكاديمية برسم جزء منها، وسعياً لتثقيف طلابها وتوعيتهم فقد نظمت الأكاديمية بالتعاون مع شرطة "بون" برنامجاً للتعريف بقواعد المرور، والطرق الصحيحة للسلامة المرورية، حيث استضافت أحد أفراد الشرطة الذي درب وعريف طلاب وطالبات المرحلة الابتدائية نظرياً وعملياً بالقواعد الأساسية للمرور. ومن ضمن جهود الأكاديمية في التعايش مع المجتمع الألماني، فقد تم تنظيم مسابقة أولمبياد للمدارس في المدينة؛ لكشف المواهب الفنية في كرة القدم والألعاب المختلفة التي تشكل مستقبل الرياضة في المنتخبات الألمانية، حيث تنظم الأولمبياد على ملاعبها والملاعب المجاورة، تحت إشراف مسؤولي الأنشطة الرياضية بالأكاديمية، ويمنح البارزون والمتميزون من اللاعبين شهادات تقديرية موقعة من رئيس الجمهورية، في إطار تحفيز تلك المواهب على التميز حتى تتحقق الخطط المستقبلية للرياضة في المانيا للمنافسة العالمية في جميع الألعاب الاولمبية. كما أنّ مجلس إدارة أكبر مستشفى للأطفال في "بون" الألمانية عرض على أكاديمية الملك فهد تنظيم فعاليات ترويحية وتوعوية وثقافية للقاطنين بالمستشفى وفي المدارس الألمانية في "بون"، وضمن خطط النشاط للتواصل مع المجتمع المحيط، وشاركت الأكاديمية بلدية الحي في مشروع "مدينتي نظيفة"، حيث توجه طلاب وطالبات الأكاديمية من المرحلتين المتوسطة والثانوية إلى المنطقة المحيطة بالأكاديمية، وصولاً إلى محطة القطار في منطقة "ميلم" وأمنت الأكاديمية جميع الأدوات الخاصة بهذه المشاركة. ثقافة الحوار * هل استغللتم تواجدكم لتبيان جهود المملكة في تعزيز الحوار ونشر ثقافة التسامح؟ - بالتأكيد، وهذا ما نتناوله في كل مناسبة، فنظراً لأهمية تعزيز قنوات الاتصال والحوار الفكري مع المؤسسات والأفراد، والحوار بين أتباع الديانات والثقافات والحضارات المعتبرة في العالم، فقد نظمت الأكاديمية لقاء تحت عنوان "الحوار مع الجيران"، حيث عمدت الأكاديمية إلى عقد هذا اللقاء لسكان حي "لاسندروف" مقر الأكاديمية، وشارك فيه أكثر من (120) شخصاً، بتقدمهم عدد من الشخصيات السياسية والحكومية والاجتماعية في مدينة "بون"، وشارك في اللقاء السيد "فون جرون بيرج" -رئيس الحزب الديمقراطي الاجتماعي-، والسيد "حالوك يلدز" -المتحدث باسم المجلس المركزي للمسلمين عضو حزب (BIG)- والسيد "موسى أشرقي" -عضو مجلس الاندماج-، والسيدة "اليزبيث تسين" -المتحدثة باسم الحوار الإسلامي-، والسيدة "هورن" -رئيسة الحي-، وتناولت بكلمتي في هذا اللقاء جهود المملكة في الحوار ونشر ثقافة التسامح، فيما أشاد الحضور بجهود المملكة في ترسيخ الحوار بين أتباع الديانات والحضارات والتواصل في القيم المشتركة، وتعزيز السلام وفرص التعايش والعمل على كل مايمكن أن يسعد البشرية. * كلمة أخيرة؟ - بمناسبة مشاركة الأكاديمية في العديد من الفعاليات كان آخرها المسابقة الفنية على مستوى مدينة "بون" الألمانية، فقد تلقت إدارة الأكاديمية دعوة خاصة من إدارة المسابقة في وقت سابق، وأبرزت الجريدة الألمانية "plick punkt" المشاركة والإيجابيات التي قدمتها الأكاديمية لإنجاح المسابقة، وعرضت في صفحتها الأولى، والأكاديمية لا يكتمل نجاحها إلاّ بسواعد أبنائها، فقد تمكن أربعة من طلاب وطالبات أكاديمية الملك فهد في "بون" الألمانية من الفوز بمسابقة الرسم التي أعلنت عنها شركة التأمين الألمانية (DAK) لاختيار الأفضل لطباعته على أجندتها السنوية 2013م، وعلى مختلف مطبوعاتها التذكارية. مدير عام الأكاديمية يلتقي عمدة المدينة زيارة وفد من أكاديمية الملك فهد ببرلين للأكاديمية سعت الأكاديمية إلى تعزيز الحوار بين أفراد المجتمع الألماني الصحف الألمانية تحدثت عن الأكاديمية وأبرزت جهودها