استوقني خبر نشرته صحيفة إلكترونية قبل يومين يتحدث عن القبض عن امرأة أربعينية كانت برفقة مواطن وعُثِر في شنطتها على حشيش وطلاسم سحرية لتسحر طليقها؛ ولا شك أن هذه الواقعةً مخزية بكل المقاييس؛ لكن مربط الألم أن تُسهم الصحافة من حيث تعلم أو لا تعلم بالتشهير والتشويه ليس بأسماء المنحرفين بل بوظائهم وكأن تلك الوظائف منتمية للموظفين وليس العكس مما يفتح أبواب القذف والتهجم لمنسوبي الوظيفة عموماً من قبل هواة تناقل فضائح أفراد المجتمع والتلذذ بروايتها مع تبهيرها. والخلل المهني الإعلامي في التشهير بوظائف المقبوض عليهم لايعد خللاً محلياً أو عربياً بل يصنف عالمياً؛ فنقرأ بين الحين والآخر عن القبض على عدة جناة بمهنة طبيب أو قاضٍ أو إعلامي أو أكاديمي إلى غيرها من المهن الوظيفية المختلفة؛ التي قد تؤدي إلى هزة الثقة المجتمعية في أرباب المهن المُشّهر بها. ويعد الخبر المشار إليه في مطلع مقالي أحد أسوأ النماذج المخالفة عندما عنون وظيفة المرأة التي تعمل معلمة وتغاضى عن وظيفة الرجل الهارب مبرراً صائغ الخبر وظيفته حساسة وكأن وظيفة المعلم أو المعلمة غير حساسة وتستحق التشوية والإساءة بعد أن بات التعليم ومنسوبوه محل تندر درامي وكاركتوري دائمين. إن وظيفة المعلم رسالة سامية ذات أخلاقيات خاصة تستوجب من الجميع سواء الإعلام أو المجتمع أو الأسرة المحافظة على صورتها الذهنية؛ وإلا كيف لمن أؤتمنوا على أداء أمانة هذه الرسالة العظيمة أن يربوا أجيال المستقبل من أجل خلق مواطنين صالحين يعتزون بدينهم الإسلامي الأعظم؛ ويذودون عن حياض وطنهم الغالي. إن عدم التزام أي موظف بأخلاقيات مهنته لا يعني أن العيب في تلك المهنة؛ بل هو عيب شخصي نتج عن إنحرافات فكرية تختلف درجتها باختلاف درجة السلوك الناشئ عن المنحرفين وعليه سيواجهون العقوبة كمذنبين لا كموظفين. *ماذا_لو: ركز إعلامنا السعودي على البحث عن الدوافع النفسية للجرائم المختلفة والعمل على مناقشة معالجتها باستضافة الاختصاصيين الثقات بدلاً من التشهير بوظائف الجناة وبالتالي الإساءة لجهة العمل بأكملها مما قد يتيح الفرصة لبعض المتلقين من محبي بث الإشاعات المغرضة المهددة للأمن الفكري المجتمعي.