شنَّ الشيخ الدكتور إبراهيم الدويش هجوماً شرساً على أسلوب التشهير وإلقاء الكلام على عواهنه في معرض حديثه عن واقعة قيام أحد المواقع الإلكترونية بنشر “كلام فيه قذف وتشهير لصحفيات وكاتبات”. وقال الدويش الداعية الإسلامي المعروف والأمين العام لمركز رؤية للدراسات الاجتماعية: “استهجن نشر الاتهامات والكتابات والحديث عن الأعراض على رؤوس الأشهاد، مهما كانت الأسماء أو الأشخاص، ومهما كانت الانتماءات الفكرية أو الإيديولوجية، ومهما اتفقنا معها أو خالفناها بالرأي والتوجه، فهذا كله لا يؤثر على أصولنا الشرعية ومبادئنا العقدية في استنكار الخطأ والوقوف بوجه صاحبه وإنصاف الآخرين منه. وأضاف الدويش: “لأجل ذلك فإننا نضم أصواتنا للأصوات المطالبة بحقوق هؤلاء النسوة ورد الاعتبار إليهن، وحفظ الأعراض من ألسنة لصوص الأعراض مهما كانوا حتى وإن تلبسوا بلبوس أهل الصلاح أو الغيرة على الدين، فإن النصيحة والغيرة على الدين لم تكن يوماً بهذه الفوضى بل لها أصول وضوابط شرعية، بعيدة عن الأهواء والأحقاد وسوء الظنون، بل إننا ننتصر لديننا وللحق الذي تعلمناه في قرآننا وسنة حبيبنا عليه الصلاة والسلام، ولذلك فلا ولن نكون يوماً انتقائيين بتوجيهنا أو بطرحنا، بل ولاؤنا لشرع ربنا وللحق، انطلاقًا من عدل الإسلام وإنصافه، وإحقاقًا للحق وإبطالاً للباطل”. وقال الدويش: إن هذا الحدث ليس هو الأول من نوعه، ولن يكون هو الأخير إذا لم تضبط الأمور، فقد سبقته أحداث كبار أسيء فيها لمسئولين وعلماء ودعاة ومثقفين ولغيرهم من أصناف الناس، فكم نُشر من مقالات وكتابات، بل وصوراً فاضحة فيها إساءة ونيل وتجريح، وفيها غمز ولمز وقذف، وتعيير وتشهير دون مراعاة لأخلاقيات مهنة، ولا لقيم إعلامية، ودون تثبت أو موضوعية، وقبل ذلك عدم التزام بأخلاق الإسلام وأحكامه وآدابه في نشر الأخبار، ألا يكفي توجيه الحبيب عليه الصلاة والسلام:((كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)). حتى أصبح الكثير يتساءل بحرقة: هل نحن اليوم أمام أزمة أخلاقية صحفية مهنية؟! فكم يحز في النفوس أن تتحول صفحات صحف إلكترونية وورقية، ووسائل إعلام مرئية أو سمعية، إلى مجال خصب للنيل والتشهير بأناس، وتجريح ولمز أشخاص، و تتبع سقطات وعورات، فأين هذا من مهمتها الاجتماعية، ووظيفتها المهنية والأخلاقية. أليست الصحف والمنتديات وسائر وسائل الإعلام هي: الضمير الحي للمجتمع، بل هي قلبه النابض، وصوته المدوي والمعبر عن همومه وقضاياه؟! ولذا فكم هو جميل ورائع ما حصل من إنكار للحدث وتفاعل معه، خاصة في تحرك هيئة الصحفيين وتبنيها للقضية ومتابعتها، وإيصالها للمسئولين، وسعيها وطلبها الجاد لإصدار نظم ولوائح تلتزم بها الصحف الإلكترونية حتى تحسب حسابها عندما تنشر خبرًا وتتناول قضية، فلا شك أننا بأمس الحاجة لضبط الأمر وتقنينه، فالنفوس المريضة لن تموت، ولا يَصلح الإنترنتيين فوضى لا سراة لهم، وأرجوا أن لا يُفهم هذا على أنه دعوة مني للحد من الحرية الصحفية وتقييد للتعبير عن الآراء، فهذا شأن، وقذف الأعراض والتشهير شأن آخر، وإن كان بعض الجاهلين لا يُفرقون بين هذا وذاك، ففاقد الشيء لا يُعطيه. لكن الدويش انتقد هيئة الصحفيين قائلاً: إني حزنت كغيري لأن هذا التحرك من هيئة الصحفيين أو الجهات المختصة جاء متأخرًا بعد سنين طويلة، فكم من بريئة افتضحت، وكم من مظلوم تجرع الغصص لما شُهّر به، وكم وكم من أناس ما زالوا يعانون ويتألمون، ويبكون ويصرخون لما نشرت أسماءهم وصورهم واتهموا بأعراضهم حتى اسودت الدنيا بأعينهم، وربما فسدت حياتهم؟!!، ولذلك فإن هناك أكثر من علامات استفهام وتساؤلات من كثير من المتابعين، فالكل يدرك أنه قد حصلت في الساحة قضايا وأحداث كبار قبل هذا الحدث فكان واجب الهيئة وغيرها يُحتم أن تضطلع بمسؤوليتها تجاه تلك التجاوزات، فكم هم الذين شُهّر بهم وفضحوا على الانترنت وفي المنتديات بل وفي الصحف والمقالات، فمن أنصفهم ومن تحرك لهم؟! أين كانت هيئة الصحفيين مثلاً عندما نالت بعض المقالات من أسماء وأشخاص البعض من رموز وعلماء هذا البلد المعطاء، وتعرضهم لموجات ظالمة من الإشاعات والتقولات وتشويه السمعة..، بل وبتر الأقوال والتصريحات، وحملها ما لا تحتمل؟! أما أنا لا أريد أن أقول كما كُتب وقيل:بأن الأمر انتقائي،وأنه الكيل بمكيالين، والنظر للأحداث بعينين، عين رضا وعين سخط، بكل أمانة لا أريد أن أقول هذا ولا أحب سماعه: لأن مثل هذا سيقود مجتمعنا لحرب كلامية واتهامات إعلامية وتصنيفات فكرية متناحرة، الخاسر فيها هو هذا المجتمع الحبيب وهذا الوطن الغالي، ودهماء الناس وبسطائهم الذين لهم حق على الجميع بالتعاون والتصدي لكل باطل يكدر أمن المجتمع وصفوه، مهما كان ومن أيٍ كان، ثم ليحذر كل عاقل من دول الأيام وغدر الزمان، فكما تكلمت أنت اليوم وفضحت فلان، فسيأتي اليوم الذي يُتكلم فيك وتُفضح، فالأيام دول، والجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان،ويكفيك قوله صلى الله عليه وسلم: (..فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ أو بيته). وقال الدويش: إن من أخطر الأدواء المنتشرة اليوم وأشنعها وأشدها على النفس: داء التشهير والإساءة للآخرين، عبر وسائل الإعلام، كالصحف والمنتديات، ورسائل الجوال والفضائيات، دون وازع من دين، أو تثبت من خبر، و دون مراعاة لأخلاقيات المسلم عامة، ولقيم العمل والمهنة، فمما كثر وظهر أخيراً: أنه بمجرد مخالفة آخرين لك برأي، أو عدم رضاك عنهم أو عن توجههم أو فكرهم أو حتى مخالفتهم لشرع أو نص ..، فإن هذا مسوغ لدى البعض بأن يجهل عليهم، وأن يناصبهم العداء، وأن يلوك أعراضهم و أن يتتبع عوراتهم وسقطاتهم، ليبذُل بعد ذلك كل وسعه لنشرها وتناقل أكثر وسائل الأخبار لها، ولتطير بكل مطار، ولا يهدأ له بال أو يرتاح حتى تُنشر بكل المنتديات، والمجالس والاستراحات..؟!! وأتساءل: أين رادع الدين؟ أين الإنسانية؟ إنها صور وللأسف تكرر ونسمعها ونقرأها ونعايشها حتى أصبحت في الآونة الأخيرة مع اتساع وسائل الاتصال وتقنياته ظاهرة مشينة خطيرة، فكل من حقد أو خالف أو تنازع مع أحد هدد وأرعد، وأزبد وتوعد بالفضيحة في عالم الانترنت وتقنياته، وهذا لاشك سوء أخلاق ودناءة نفس، بل وإثم وذنب عظيم، وهي جريمة قانونية لم تأخذ حقها وللأسف من التجريم والملاحقة القانونية على الوجه الكاف حتى الآن ربما لحداثة الشبكة العنكبوتية وتقنياتها وتسارع تطورها وجديدها.