بعد طول ترقب وانتظار، أعلن أمس الأحد علي بن فليس رئيس الحكومة الأسبق (1999 - 2000) ترشحه للرئاسيات المقبلة المقررة في 17 أبريل / نيسان الماضي ليكون بذلك المترشح ال 19 الذي يعلن رغبته في خوض الاستحقاق المقبل في ظرف تكبر الاستفهامات حول ترشج الرئيس بوتفليقة لها أم لا؟ وفي بيان إعلان الترشح، امتد لقرابة ساعة ونصف عرّج علي بن فليس (69 سنة) وهو أحد أهم خصوم الرئيس عبد العزيز منذ خروجه من الحكومة العام 2000 والإطاحة به من على رأس أكبر أحزاب السلطة "جبهة التحرير الوطني" (الأفلان)، عرّج على غالبية الملفات الوطنية والدولية التي تشغل الساحة السياسية والاقتصادية على حد سواء، لكن تعاطيه مع هذه الملفات اتسم بالعمومية ما جعله لا يختلف عن العديد من المترشحين الذين يبيعون بضاعة يعرفها الجزائريون ولم تعد تغريهم البتة عندما يصرّون على الحديث عن ملفات الفساد والرشوة والحقرة والبطالة ولا يفعلون شيئا تجاهها عندما يجلسون على كرسي الحكم، وهو ما يؤاخد عليه الرئيس بوتفليقة الذي ظل طيلة ال 15 سنوات الماضية يرفع شعار "العزة والكرامة" لكن إحصاءات ما تزال تتحدث اليوم عن جزائريين يأكلون من القمامات وآخرون يعانون من سوء التغذية وتحت خط الفقر. ولم يكشف بن فليس وزير العدل السابق في أوج سنوات الأزمة الأمنية الداخلية، إن كان تقدم للرئاسيات كمترشح حر أو باسم جناح داخل جبهة التحرير، ممن يدعّمه للترشح للرئاسيات في وقت لم يعد خافيا النفوذ الهام الذي صار يحظى به بن فليس داخل المكتب السياسي، أعلى سلطة في الحزب، وحيازته على دعم ما يزيد على 150 عضوا فيه مقابل جناح آخر يطبّل لعهدة رابعة لبوتفليقة رغم توعك الأخير صحيا، واكتفى بن فليس بالترديد أنه سيكون رئيس كل الجزائريين ودعاهم إلى الوقوف معه، فيما لم يغفل عن إرسال إشارات إلى المؤسسة العسكرية من خلال تمجيد أدائها خلال الأزمة الأمنية، وهي المؤسسة التي يقول مقربون من علي بن فليس أنه يحظى بدعم جناح هام داخلها. ومرّ علي بن فليس مرور الكرام على أهم الملفات الداخلية وأكثرها حساسية وهي ملف الوضع السياسي والأمني للبلاد المتناسلة مشاكله من مخلفات فترة اندلاع العنف المسلح العام 1991، فلم يكشف بن فليس إن كان سيسمح مثلا لممثلي الحزب المحظور جبهة الإنقاذ الإسلامية (الفيس) العودة إلى النشاط السياسي وهم الممنوعون من مزاولته بموجب تدابير ميثاق السلم والمصالحة، كما لم يكشف عن كيفية تعاطيه مع مطالب عائلات المفقودين التي تطالب بالعدالة والحقيقة وترفض التعويضات التي أقرها ميثاق المصالحة وربما ترك بن فليس التفصيل في هذه المسائل بعد الكشف عن برنامجه الانتخابي التفصيلي لا حقا. ولم يفوّت علي بن فليس فرصة خروجه الإعلامي بعد 10 سنوات من الغياب على الساحة السياسية بعد النتائج التي تحصل عليها في استحقاقات العام 2004 (6.4 % مقابل 79 % لبوتفليقة)، وهي الاستحقاقات التي طُعن في شرعيتها واتهم الرئيس بوتفليقة بتجييش الإدارة العمومية واستغلال المال العام لصالحه، لم يفوت الفرصة لتوجيه رسائل إلى الرئيس الجزائري ومحيطه ممن لا يرون بديلا عن بوتفليقة اليوم رئيسا قادما للجزائر، واتسمت الرسائل بنوع من الحدة والتحدي عندما راح بن فليس يقول بأعلى صوته ان "زمن الرجل المعجزة قد ولّى" وأن " لا أحد يمكنه احتكار الوطنية اليوم في الجزائر" وأن "لا أحد يمكنه الادّعاء أنه المؤتمن الوحيد على الوطن". ويأتي إعلان بن فليس ترشحه لرئاسيات أبريل المقبل ثلاثة أيام فقط من عودة الرئيس بوتفليقة الخميس من فرنسا التي تنقل إليها الاثنين الماضي لإجراء فحوصات طبية روتينية مثلما أعلنت الرئاسة وقول الأخيرة ان فريقه الطبي الفرنسي رخّص له بالعودة إلى البلاد لأن الرئيس بخير ويتعافى تدريجيا ما اعتبر شهادة طبية عن أهلية بوتفليقة البدنية والعقلية للترشح لفترة رئاسية لرابعة.