يصعب تفكيك شفرة العراق في ظل المالكي؛ فكل من لا ينتمي لطائفته ويخضع لأوامره إرهابي، مرة سنّي حتى لو لم ينتم لأي تنظيم، أو قاعدي مدعوم من قوى خارجية حتى أن الأشباح التي تطارده في يقظته ومنامه، أصبحت كوابيس ترى في كل من حوله أعداء متربصين، ولذلك أصبح الأمن في كل العراق مشكلة عامة وبحالة تدهور مستمر.. فالفلوجة سقطت عملياً في يد «داعش»؛ وهذا مؤشر أن القضية لم تعد كيف يتجزأ العراق إلى ثلاثة أقاليم، وإنما تجزئة الاقليم الواحد إلى دويلات ومليشيات، والسبب لا يعود لليوم فقط، فقد تواطأ الأسد بضخ أكبر كم بشري للقاعدة وإدخالهم العراق أثناء الاحتلال الأمريكي، وكان بتنسيق بينه وبين إيران في تدريبهم وتدعيمهم بالسلاح والأموال، والهدف ليس الحرب أو المقاومة ضد أمريكا، وإنما خلق فوضى تدوم لفترات طويلة، والنتيجة ما يجري في الأنبار حالياً وفي قادم الأيام.. فالحكومة العراقية أدخلت جيشها بدعوى سخيفة في محاربة الإرهابيين بينما الغاية فك اعتصام العشائر السنّية المطالبة بحقوق وطنية مشروعة، وهذه الذريعة أو التواطؤ هو الذي أعطى «داعش» فرصة التمدد واحتلال الفلوجة مما يكذب إدعاءات الحكومة، والموضوع يخفي خططاً بانت أول خيوطها بأن داعش صناعة أسدية مالكية، غير أن إطلاق، أو ما قيل عن هروب سجناء من القاعدة هو أحد فصول المخطط الطويل الذي رسمه المالكي، وكذا الأمر بالنسبة للأسد الذي وجد في هذا التنظيم ذراعًا لضرب الجيش الحر والمقاومات الأخرى، بمعنى أن داعش بدأت بتهريب الإرهابيين للعراق، وانتهت لتكون قوة تدخل مدن وتحاول السيطرة على أقاليم بدعم عراقي حكومي وسوري وإيراني.. الطائفية في العراق صناعة أمريكية إيرانية وجدت في رئيس الحكومة النموذج المثالي لأداء هذا الدور، ومن يرى الطبيعة الحقيقية للعراق أنه متعايش بحكم واقع تاريخي حيث لم نجد هذا الانقسام في أي عهد حتى أنه لا يوجد مثال واحد لتقاتل بين المسلمين سنّة وشيعة مع المسيحيين أو أي طوائف أخرى، بل إن التصاهر بين هذه الفئات الوطنية ظل أمراً عادياً لا يفرق بين أي أصل أو هوية أو دين، لكن إذا ما استمر المالكي على دفع العراق إلى حلقات النار، فإن العشائر التي يذهب بعضها إلى الطائفة السنّية أو الشيعية، هي في الموقف من أصول واحدة، وهذا ينذر أن لا تقف الصراعات على المذاهب والأديان والقوميات وحدها، وإنما مع هذه العشائر والدولة، لأن الجذور التاريخية لها يجمعها بأروقة واحدة، وقد تنسى أنها تنتمي لدين أو مذهب، وإنما توحدها الأصول وهذا ما قد يخلق تحالفاً بينها ينهي حكاية الانتماء للطائفة، وإنما للمحتوى الأهم وهو العشيرة والقبيلة.. العراق يتجه إلى كارثة، فإيران تذهب إلى أن يصبح في حالة حرب دائمة انتقاماً لأصوله العربية، وطمعاً في ثرواته وإضعافه سياسياً وأمنياً، وسوريا في حالة اضطراب لا يقل عن حالة العراق، وبالتالي فإن نمو فصائل وجيوش تحارب في الظلام، هو ما تكرسه سلطتا البلدين والطريق وعر وخطير في قادم الأيام..