في صباح يوم الاثنين الموافق 27/2/1435ه انتقل إلى رحمة الله تعالى الشيخ الجليل سعد بن عبدالعزيز الرويشد وقد آلمني هذا النبأ كثيراً (ولكن لا راد لقضاء الله) لما لهذا الرجل من مكانة أثيرة في نفسي لما يتمتع به من خصال حميدة وصفات كريمة لا تتوفر إلا في النادر من الرجال وكان إلى جانب إلمامه بعلوم الدين فهو عالم متبحر في الأدب والتاريخ وهو الذي حقق ديوان الشاعر ابن عثيمين، وكان إذا جلست معه لا تمل مجلسه ولا تفارقه إلا وقد استفدت من علومه وأدبه وعندما تكالب الناس على الدنيا بحلالها وحرامها نأى بنفسه عنها، وصرف وقته للإصلاح بين الناس والقيام بدور الوسيط فيما يحصل بينهم من نزاعات لما له من مكانة أثيرة في قلوب الناس ولم أسمع من أي شخص كلمة واحدة تسيء إلى تاريخ هذا الرجل. أما عن وفائه فأسرد لكم بعض المواقف التي أعرفها عن هذا الرجل، عندما كان العم عبدالله أميراً للقصيم وكان الوالد نائباً له رحمهما الله وقرر الملك عبدالعزيز - رحمه الله - زيارة القصيم عام 1365ه أرسل الوالد للشيخ سعد رسالة يطلب منه أن يبعث ببعض المواد الغذائية التي لا تتوفر لدينا فما كان منه - رحمه الله - إلا أن أرسل سيارة شحن كبيرة (لوري) مليئة بالكثير من المعلبات الأمريكية من جميع الفواكه التي لم تكن معروفة في ذلك الوقت وغيرها من المواد الأخرى ولم يقبل لها عوضاً وعندما عدنا من القصيم للرياض عام 1366ه وكنا في حاجة ماسة وبالكاد كنا نجد لقمة عيش لوجبة واحدة (وهذه حالة عشتها بنفسي) طلب منه الوالد قرضاً مبلغ ثلاثة آلاف ريال وكانت تعادل الملايين بأسعار الوقت الحالي وأرسل له صكاً لبيت صغير كنا نسكن فيه فما كان منه إلا أن أرسل المبلغ فوراً وأعاد الصك معتذراً بأدب لعدم قبوله. وبقي وفياً للوالد حتى توفاه الله ورثاه بكلمة مؤثرة بجريدة «الرياض» وقد كان يزورني في بيتي ولم ينقطع عني حتى أقعده المرض وكلما زارني وأراد أن ينصرف يهمس في أذني ويقول لي لماذا لم تكلفني بشيء وأنه مستعد بإعطائي أي شيء احتاجه وكلما زارني يردد عليّ القول رحمه الله. رحمك الله يا رمز الوفاء والمحبة وأسكنك فسيح جناته وجعل قبرك روضة من رياض الجنة وجمعنا بك في مستقر رحمته وعزائي ومواساتي لأبنائك الكرام ولزوجتك الوفية (أم عبدالمحسن). اسأل الله أن يلهمهم الصبر والسلوان (إنا لله وإنا إليه راجعون).