منذ تسلمه منصبه رئيساً للجنة الاحتراف، اتضحت بصمات الدكتور عبدالله البرقان على سير العمل في اللجنة، إذ أعاد ترتيب الأوراق داخل اللجنة الحساسة بعد أن مرت بفترات عدة طغت عليها ملامح الفوضى بسبب تباين مواقف اللجنة في قضايا مختلفة، وضعف اللوائح وعدم وضوحها وعدم تطبيقها في أحايين كثيرة، فضلاً عن الضغوطات الكبيرة التي تتعرض لها من قبل الأندية ولغة التشكيك التي تطالها وعدم تفرغ رؤسائها لرئاسة أحد أكثر لجان اتحاد كرة القدم سخونة. هل أدارت اللجنة ظهرها للأندية وأصبحت في صف اللاعب؟ يخطئ من يظن أن مهام لجنة الاحتراف تقتصر على تسجيل لاعب أو فسخ عقده، إذ يكفي لتبيين حساسية دورها أنها المسؤول الأول عن اللوائح التي من خلالها يتم التقاضي بين اللاعبين والأندية فضلاً عن المصادقة على القرارات الإدارية وحل القضايا بين اللاعبين وأنديتهم بصفتها المشرع للاحتراف في كرة القدم السعودية. كان رئيس اللجنة واضحاً منذ تسلمه منصبه، إذ رفض تسجيل أي لاعب لأي نادٍ لايلتزم بالإيفاء بمستحقات اللاعبين، وهو أمر رائع وحاول غيره من رؤساء اللجنة تطبيقه، لكن الواضح مع لجنة الاحتراف الحالية أن الأقوال تنسجم مع الأفعال، وهو ماحدث مطلع هذا العام حين حُرم الاتحاد من تسجيل لاعبيه ومشاركتهم حتى نجحت إدارته بتسوية جميع المشاكل العالقة من خلال اتفاقيات معينة، مكنت الفريق من الاستفادة من عناصره المحلية والأجنبية الجديدة، في رسالة واضحة وغير مسبوقة من حيث الجدية وجهتها اللجنة. سلطان السيف اللجنة لم تكتف بذلك، بل أصدرت اللائحة الجديدة للاحتراف وأوضاع اللاعبين وانتقالاتهم هذا العام، وزادت على ذلك بإصدار اللائحة باللغة الانجليزية، قبل أن تتبعها بإصدار القواعد التفسيرية للائحة الاحتراف، وهي اللائحة التي يقول عنها مسؤولو لجنة الاحتراف أنها الأولى من نوعها على مستوى العالم العربي، والأهم من ذلك كله، هو إقرار إنشاء غرفة لفض المنازعات الرياضية، وهي خطوة غير مسبوقة تحسب للجنة التي لازالت تعطي انطباعاً للمتابعين على أنها تعمل باستمرار ودون توقف من أجل التطوير، إذ ستساهم هذه الغرفة بتفريغ اللجنة لمهامها الرئيسية والمتمثل بمتابعة تطبيق اللوائح والتواصل مع الأندية واللاعبين ووكلاء اللاعبين حتى تضمن الحفاظ على العمل الاحترافي داخل الأندية المطبقة للاحتراف. من حق لجنة الاحتراف الحصول على الإشادة نظير عملها المتواصل، ومن حق رئيسها على الإعلام إبراز جهوده، إذ يكفي البرقان أنه أكثر المسؤولين في منظومة كرة القدم السعودية شفافية من خلال تواصله مع الإعلام والجماهير ووضوحه في كل ظهور إعلامي له، مايمكن اعتباره أبرز سمات اللجنة الجديد، لكن ثمة أمور بات على اللجنة إعادة النظر فيها. أهم هذه الأمور هو مايتعلق باللوائح الداخلية للأندية، إذ تنوي اللجنة توحيد اللوائح الداخلية في الأندية وهو أمر فيه تضييق واضح على الأندية، إذ من حق الأندية أن تفرض اللوائح الخاصة بها وتضمن من خلالها خصوصيتها واختلافها عن الأندية الأخرى، خصوصا إذا علمنا أن إدارات الأندية هي الأخرى تختلف في منهجيتها وطرق تعاملها مع اللاعبين ومخالفاتهم من خلال تطبيق العقوبات أو حتى من حيث لوائح المكافآت، إذ تعطي مثل الخطوة إيحاء بوقوف اللجنة بصف اللاعبين وتحجيم سلطات النادي وعدم قدرته على معاقبة اللاعبين الذين يركبون مخالفات كبيرة مثلاً من خلال تطبيق عقوبات ربما لاتنسجم مع هذه اللائحة المفروضة من قبل اللجنة، مع العلم أن اللجنة لم توضح حتى الآن الطريقة التي ستتخذها عندما تشرع في صياغة مثل هذه اللائحة. ومن جانب آخر، فإن أكثر مايطرح التساؤلات هو توجه اللجنة لحجز أموال الأندية وحقوقها مثل النقل التلفزيوني وغيره في ما يمكن وصفه بفرد العضلات على الأندية، في حين لاتحرك اللجنة ساكناً تجاه تأخر صرف مستحقات الأندية المتعلقة بإعانة الاحتراف مثلاً، وهي المستحقات التي تمثل أبرز أسباب تأخر الأندية، خصوصاً الأندية متوسطة الدخل، في الإيفاء بصرف مستحقات اللاعبين، إذ لايبدو تصرفاً مثل ذلك يمثل عدلاً، خصوصاً إذا ماعلمنا أن ديون الأندية سترتفع في ظل وجود مستحقات واجبة السداد تعجز إدارات عن الإيفاء بها، إذ تقوم اللجنة بسداد ديون الأندية من جهة فيما تساهم بزيادتها من جهة أخرى، وتعجز الأندية عن التسجيل وسداد المستحقات الحالية والمقبلة بسبب مثل هذا القرار. لايبدو منطقياً قرار لجنة الاحتراف حجز أموال نادٍ وحرمانه من التسجيل في آن واحد، إذ لايمكن قبول قيام اللجنة بحرمان الأندية من حقوقها المالية ومن التسجيل في وقت واحد، فلاهي التي أفرجت عن حقوق الأندية من أجل تسديد الديون والتفاوض مع أصحاب المستحقات، ولاهي التي سمحت بتسجيل اللاعبين وحولت جميع الشكاوى لتسددها من قيمة المستحقات خصوصاً تلك الشكاوى التي يمكن سدادها من خلال المستحقات المتأخرة للأندية، فهذه العقوبة المزدوجة ترسم صورة عن وقوف اللجنة بوجه الأندية وخدمتها للأطراف الأخرى من لاعبين ووكلاء وغيرهم، في حين تعجز الأندية عن سداد المستحقات الماضية وهي التي تمر بأزمات خانقة، وتعجز أيضاً عن صرف مستحقات اللاعبين في الوقت الحالي ومستقبلاً. أخيراً، باتت لجنة الاحتراف مطالبة بمراجعة مثل هذه الإجراءات، خصوصاً وهي تقدم عملاً رائعاً منذ استلامها دفة القيادة، وتحظى باحترام الجميع، وعلى اللجنة أن تبادر بالمطالبة بحقوق الأندية طالما هي تبادر بحجزها، وإن كانت ترى اللجنة أنها غير مسؤولة عن حقوق الأندية لدى اتحاد الكرة فهي أيضاً غير مسؤولة عن حجز هذه الأموال.