تعد كرة القدم متنفس الشعوب، كانت ولازالت مصدر الترفيه الأول لهم وصاحبة الشعبية الأولى من حيث الاهتمام والمتابعة لإثارتها ومنافستها وفنها ونجومها، تلك الأجواء الصاخبة والشعبية الجارفة والشهرة الواسعة أضحت مصدراً لارتزاق العديد من المؤسسات الاعلامية وأصبح للإعلام تخصص جديد يدعى "الإعلام الرياضي" له وسائله من مطبوعات أو قنوات فضائية انتهاءً إلى ما وصلنا إليه الآن من صحف إلكترونية ووسائل تواصل اجتماعي، تعدد وتنوع وسائل الإعلام الرياضي لم يكن في مصلحة اللعبة نفسها ومتابعيها – على الأقل في مجتمعنا – فقد أصبحت المنافسة شرسة على السبق الإعلامي وعلى الإثارة وجذب المتابعين لهذه الوسيلة الإعلامية من حيث زيادة عدد القراء للخبر أو المشاهدة للبرنامج. والتنوع والتعدد لهذه الوسائل الإعلامية قلل من أهمية السبق الإعلامي فلم يعد مهماً أن تكون الأول فسرعة تناقل الخبر أفسدت تلك الميزة التي كانت مميزة، فأصبح مضمار المنافسة الإعلامية هو "صناعة الإثارة " في الوسط الرياضي !! وهذا المضمار وللأسف ليس له مبادئ وأخلاقيات وعرف مهني!! فغدا الأغلب من تلك الوسائل الإعلامية تصنع الفوضى بحثاً عن الإثارة والتشويق من خلال تقديمها عدة برامج حوارية تضع لها أجندة خاصة وضيوف مختارين لتمثيل تلك الأدوار الفوضوية، حتى أصبح المشاهد بالكاد يجد الحوار الهادف والنقد الفني للعبة داخل ذلك المستطيل العشبي فما يشاهده بشكل متكرر هو نقد للأشخاص وإنعاش للتعصب الرياضي واختلاق لقصص وأحداث إما غير صحيحة أو منقطعة السند أو تناحر فضائي في شكل جدال بيزنطي لا تعلم ما هدفه وإلى أي مدى سيستمتع أو سينتفع به الجمهور الرياضي. المؤسف في صناعة تلك الفوضى الرياضية أن هدفها مادي بحت وذلك للمفاوضة في أسعار عالية للإعلانات في تلك الوسيلة الإعلامية الرياضية وبدون الوعي أن عدد كبير من متابعي تلك الوسائل هم أقل من 25 عاما والذين يمثلون 65 بالمائة من المجتمع السعودي وتلك الفئة العمرية تتميز بالعنفوان والشباب والطاقة والتمرد وتغذيتهم بتلك العنصرية والإثارة الزائفة وإبعادهم عن جوهر اللعبة وإطارها الفني لن يكون في مصلحة الوطن، وما كنا ننشده من تربية جيل يتمتع بخلق وروح رياضية لن يتحقق بل سننشئ جيلاً فوضويا اقتطع الكثير من أوقات عمره في مشاهدة فوضى إعلامية رياضية أدلجته حتى أصبح متعصباً تعصباً أعمى ويُظهر ذلك التعصب في شكل سلوكيات فوضوية!! المجتمع برمته يؤمن بأهمية الحرية الإعلامية ودورها في التنمية لممارستها دورها المهني النزية، ولكنه ينبذ كل أشكال التأجيج الرياضي وصناعة الفوضى في نفوس الشباب وكم نتمنى أن يستشعر المسؤولية متخذو القرار في تلك المؤسسات الإعلامية ويدركوا خطأ وخطورة تلك الممارسات العشوائية وأن يفتحوا أعينهم على الجوانب الحقيقية المثيرة في تلك اللعبة الجماهيرية.