المتتبع لإعلامنا الرياضي يجد أنه قفز قفزات هائلة إلى الأمام وكان خطه البياني يرتفع مع المنجزات الذهبية لمنتخبنا الأول لكرة القدم وخاصة بعد تحقيقه كأس آسيا لثلاث مرات وتأهله الرباعي لكأس العالم، وكنت أقول وما زلت للجيل الجديد من أبنائنا أننا نحن من شهدنا فترة الإنجازات التاريخية المذهلة للكرة السعودية، مع أمنياتنا الصادقة وآمالنا ودعواتنا بأن يستعيد منتخبنا مجده السابق في المستقبل القريب بعد سلسلة من الإخفاقات والمستويات والنتائج غير المرضية لمحبيه ومتابعيه. المنجزات الرياضية الكبرى لمنتخبنا تزامن معها آنذاك صدور الصحف الرياضية المتخصصة وإفراد الصحف الأخرى لمساحات كبيرة وملاحق مستقلة تغطي الأحداث الرياضية أخبارا وتقارير وتحقيقات وتحليلاً، ولكون الرياضة في مجتمعنا تمثل الترفيه الوحيد تقريباً فقد كانت المتابعة مركزة ودقيقة جداً لكل شاردة وواردة رياضية. يبقى السؤال المهم هل يمكن لإعلامنا بأوعيته الأخرى أن يسرع الخطى للتميز والمنافسة والاحترافية كما فعل وحقق الإعلام الرياضي الذي تجاوز الإعلام التقليدي بسنوات ضوئية؟! صاحب الإعلام المقروء بروز الفضائيات التي كانت فيها المباريات والبرامج الرياضية تأخذ مساحات محدودة من القناة الأم وإذا بالأمر يتحول جذريا وبشكل متسارع فتخصص الفضائيات قنوات رياضية كاملة لها كادرها الإداري والإعلامي المستقل. أما النقلة النوعية والاحترافية في الإعلام الرياضي والتي صاحبتها إثارة إعلامية بالغة فكانت حصول إحدى الشركات التجارية الإعلامية السعودية على حقوق بث كأس العالم التي شارك فيها المنتخب السعودي، وحقوق النقل كانت محتكرة لهذه القناة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا هذه المجموعة وغيرها استطاعت الحصول على حقوق بث الدوري السعودي كذلك فيما بعد، ورغم أن هذه الشركة وغيرها تعاملت باحترافية مع ثقافة رياضية مستجدة تحاكي فيها الشركات الإعلامية العالمية التي سبقتنا في هذا المجال إلا ان ثقافة (ادفع لتشاهد) واجهت هجمة شرسة من الإعلاميين والمختصين آنذاك باعتبار أن قوانين الفيفا تلزم الشركات الناقلة صاحبة الحقوق الفضائية في بث كأس العالم ببث مباريات الدول المتأهلة أرضياً لكن شيئا من ذلك لم يحدث الأمر الذي أثار استياءً عارماً وقتذاك بالإضافة إلى ما سبق كانت أسعار الاشتراكات عالية وغير واقعية ابداً مما أثار ردود الأفعال الغاضبة على تعامل هذه الشركة مع المتابعين الرياضيين في استحقاقات رياضية لمنتخبنا الوطني وأنديتنا المحلية. الفضائيات المتخصصة رياضياً والعامة خصصت ساعات الذروة في المشاهدة (الفترات الماسية) للبرامج الرياضية هذه البرامج التي وصل مستوى الشفافية والنقد فيها إلى مستوى حطم كل الخطوط الافتراضية الوهمية وكانت الأمور تسير بشكل موضوعي حتى وصل الأمر في وقت الإخفاق للمنتخب أن الإعلام الرياضي بدل أن يكون رافداً للتصحيح والدعم والمعالجة أصبح عائقاً ومشوهاً وقاذفاً وناقداً بشكل جارح فسيطر على إعلامنا الرياضي الميول والتعصب والشللية والظهور لأجل الإثارة والتشفي والبروز. والحق أن الإعلام الرياضي في القنوات الفضائية الخاصة أنتج بعد تلك المرحلة برامج لافتة وزادها رونقا مقدموها من الإعلاميين السعوديين البارزين والذين استطاعوا أن يقدموا برامج احترافية شدت المشاهد وجذبت المعلنين وحققت أعلى نسب المشاهدة والربحية. وفي وقت صرنا نتحدث فيه عن صناعة إعلامية رياضية متكاملة بدأت الشركات والقنوات تقدم مبالغ مالية تماثل ميزانيات دول للحصول على حقوق بث البطولات العالمية وأصبحت الرياضة تثير اهتمام الناس بمختلف فئاتهم العمرية ومن الجنسين. هذا الشغف الكروي حقق لهذه القنوات مساحات متابعة قياسية وفي ذات الوقت وصلت هذه القنوات المحلية والعربية إلى مستوى احترافي منافس في استوديوهاتها التحليلية ومعلقيها ومندوبيها الميدانيين وتقنياتها عالية الدقة في البث والإخراج. ويبقى السؤال المهم هل يمكن لإعلامنا بأوعيته الأخرى أن يسرع الخطى للتميز والمنافسة والاحترافية كما فعل وحقق الإعلام الرياضي الذي تجاوز الإعلام التقليدي بسنوات ضوئية؟! waleed968@ تويتر