لا أحد يجادل في أن الشرك والزنا والكذب والسرقة والغش من الأعمال السيئة. ولا يمكن أن نبرر أياً منها تحت أي ظرف سوى الإكراه في الشرك. ورغم ذلك فإن من أُكره على الشرك قد ينطق بالشرك كارها له غير مؤمن بما يقول. ومثل ذلك يقال عن بقية الذنوب فإن اقترفها وهو مقر بخطئه اعتبر عاصياً أمامه باب التوبة مفتوح. أما من اقترفها مستحسنا لها معتقدا بحلها فإنه يدخل فيمن شملتهم الآية الكريمة: "أفمن زُين له سوء عمله فرآه حسنًا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون".. (فاطر 8) وليس من أدنى شك أن قتل النفس من أعظم الكبائر ولهذا قرنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشرك" (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ما لم يشرك بالله أو تنتد يده بدم). فقتل النفس فيه إزهاق للنفس التي ندب الله إلى إحيائها وحذر من قتلها وساوى الباري قتل نفس واحدة بقتل الناس جميعا وإحياء نفس واحدة بإحياء الناس جميعا. كما يجمع إلى ذلك ظلم المقتول الذي قتل بغير ما ذنب. وأسوأ من قتل النفس قتلها مع استحسان ذلك كما نسمع من كثير من الإرهابيين الإسلاميين الذين استمرأوا تلك الخطيئة العظيمة تحت مبررات افتراضية من ابن تيمية رحمه الله. خطر لي ذلك وأنا أستمع إلى مقابلة لإرهابي يعتقد أنه في ذلك يتقرب إلى الله. ويسوق الآيات في غير موضعها مبررا فعله وفعل أصحابه. وتساءلت في نفسي ألم يقف يوما عند الآية الكريمة "أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا". لقد انغمس الإرهابيون في تحسين ما يقومون به من قتل للأنفس وإفساد للبلاد لدرجة مرضية. رأيناهم ينحرون الأسرى في مساومة ليسوا طرفا فيها. ويقتلون الذميين بغير ما ذنب اقترفوه ويقتلون المسلمين بحجج واهية كالتترس، فأي تترس في بلاد المسلمين. سيسأل الإرهابيون يوما بأي ذنب سفكت دماء الأبرياء؟ وبأي حق أفسدوا في الأرض. وستسقط كل حججهم لأن الذي سيسألهم هو العدل الرحمن الرحيم الذي نزل الذكر الحكيم. وسيتبين لهم بعد فوات الأوان أن الشيطان زين لهم سوء أعمالهم. وأنهم ضلوا الطريق فخسروا الدارين. وما جهادهم إلا كجهاد الخوارج لعلي. إنها صورة عمران بن حطان وهو يمجد عبدالرحمن بن ملجم لقتله علياً رضي الله عنه وأرضاه. ولو تهيأ للأخ داود الشريان إجراء مقابلة مع ابن ملجم أو عمران بن حطان أو سواهما من الخوارج لرأينا فيه الزهد ولسمعنا منه من الأحاديث والآيات مثل ما يسوقه الإرهابيون الإسلاميون لتسويغ ما يراه الله باطلا ويرونه حسنا. لو تهيأ لداود ذلك لرأينا للأسف من تعليقات العامة من يؤيد ابن ملجم وابن حطان ولفيف إرهابيي هذا الزمان وقد خدعه مظهرهم وصدقهم في ضلالهم. برغم أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام وصفهم وصفا دقيقا "يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم، وصيامكم مع صيامهم، وعملكم مع عملهم، ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية".. البخاري..