أعمال المقاولات للمشاريع العائدة للأفراد، تكاد تتمحور في الغالب حول تنفيذ العناصر الإنشائية والكهربائية والصحية، وربما امتدت أيضاً للميكانيكية، وما يتعلق بذلك جميعاً، في منشآت صغيرة أو متوسطة الحجم نادراً ما يتجاوز إطار استخدامها الغرض السكني أو التجاري، مثل الفيلات ومباني الشقق السكنية أو المكاتب والأسواق ومحطات الوقود ونحوها.. ما يطرح من تساؤل بشأن هذه المشروعات هو عمن يتولى تنفيذ أعمال المقاولات في الغالبية منها..؟ هل هي شركات ومؤسسات المقاولات المصنفة في المجال الذي تمارس فيه أنشطتها أم لا..؟ وإذا كان الأمر خلاف ذلك كما يبرره طرح هذا التساؤل، ما التبعات التي تنشأ وتؤثر على كفاءة تلك المشروعات والدور التنموي لقطاع خدمات المقاولات على المستوى المحلي؟ الإجابة على التساؤل الأول يبدو أنها أصبحت واضحة، على الأقل مما جرى نشره في بعض الصحف الأسبوع الماضي منسوباً لرئيس وبعض أعضاء لجنة المقاولين بمجلس الغرف السعودية من أن المقاولين غير النظاميين - وليس فقط غير المصنفين - يديرون أكثر من 70% من أعمال المقاولات الخاصة بالأفراد وفق تقديراتهم، تلك التقديرات التي تفضي مباشرة إلى الاستنتاج بأن تنفيذ مشروعات ما يربو على 50 ألف رخصة بناء سنوية من إجمالي الرخص التي تصدر كل عام لمشروعات وحدات ومنشآت سكنية تجارية يتولى تنفيذ أعمالها الإنشائية والكهربائية والصحية مقاولون غير نظاميين، من العمالة الوافدة التي يتستر عليها للأسف مواطنون، من خلال منحهم سجلاتهم التجارية وتراخيصهم ليمارسوا هذا النشاط، الذي أضحى جزءاً جوهرياً من اقتصاد الظل ومورداً يغذي ما يتسرب إلى خارج الحدود من عائد قطاع المقاولات، مقابل حصة ضئيلة لا تكاد تذكر تشترى بها مواطنة المتستر..! أما تبعات قيام أولئك المقاولين غير النظاميين بأعمال تنفيذ تلك المشروعات وأثره على كفاءتها فيكفي منها ما آل إليه معدل العمر التشغيلي لمبانينا السكنية التي تمثل النسبة العظمى من تلك المشروعات وأضحى لا يتجاوز الثلاثين عاماً، بينما غيرنا من الدول يتجاوز ذلك المعدل الثمانين عاماً هذا بخلاف تكاليف أعمال الصيانة وإصلاح الأخطاء التي تظهر فيما بعد بتلك المشروعات أثناء تشغيلها واستخدامها. وعن التأثير في الدور التنموي لقطاع خدمات المقاولات على المستوى المحلي، فبخلاف أن أكثر من ثلثي حصة سوق المشاريع الفردية يتم تجييرها مع الأسف لصالح عمالة وافدة، تضخ معظم العائد من تلك الحصة إلى اقتصاد أوطان تلك العمالة، هنالك ما يزيد عن 200 ألف شركة أو مؤسسة مقاولات في المملكة، المصنف منها بشكل رسمي لا يتجاوز 2000 شركة أو مؤسسة، أي ما يمثل (1%) فقط، ولنا أن نتصور أنه لو قام المتبقي من تلك الشركات والمؤسسات غير المصنفة (198 ألف شركة أو مؤسسة) بالعمل مباشرة في سوق المقاولات المحلي، وليس من خلال التستر على وافدين يمارسون النشاط نيابة عنهم، وتم الاكتفاء فقط بتوفير ثلاث فئات من الوظائف الأساسية في تلك الشركات والمؤسسات التي تمكنها من ممارسة أعمالها بشكل صحيح، وأتيحت ليشغلها سعوديون، وهي وظائف (الإدارة التنفيذية) و(المحاسبة) و(الإشراف الميداني على تنفيذ الأعمال) لأمكن توفير ما يقارب 600 ألف فرصة عمل مناسبة لشغلها بمواطنين في هذا القطاع الخدمي المهم بمفرده.