عادة ما تتبلور وتتضح الشخصية ابتداء من مرحلة المراهقة، حيث يلاحظ الآباء والامهات ان هناك اختلافا في الشخصية بين أبنائهم بدأت تتضح في هذه المرحلة، حيث يلاحظ الوالدان ان ابنهم هذا هادئ وذاك منعزل والآخر مزعج وكثير الحركة.. وهكذا. وهذه الشخصيات هي تلك التي نقابلها يومياً بشوارعنا وبمراجعاتنا اليومية لدوائرنا الحكومية أو بأي مكان، بحيث إنه يصعب التعايش مع البعض الشخصيات بينما يسهل التعايش مع الاخرى. ولتسليط الضوء على هذه الشخصيات وأنماطها يسرنا أن نقدم بعضاً من سمات ومميزات كل شخصية. الشخصية الهستيرية ( الدرامية – الاستعراضية – الزائفة ) هي الشخصية المثيرة للجدل والمحيرة، فهي شخصية تضع من يتعامل معها في حيرة وتناقض، نجدها منتشرة بين الفتيات والنساء، تراها غالباً جميلة أو جذابة، تغري بالحب ولكنها لاتمنحه لاحد، تغوي ولا تشبع، تعد ولا تفي، والويل لمن تعامل معها. تبدي حرارة عاطفية شديدة في الخارج في حين أنها من الداخل باردة كالثلجً. تبدى إغواءً جنسياً، في حين أنها تعاني من البرود الجنسي في واقع الامر، يمكنك ان تتعرف عليها من اهتمامها الشديد بمظهرها، فهي تلبس ألوانا صارخه تجذب الأنظار مثل الأحمر الفاقع والأصفر الفاقع والأخضر الزاهي او الالوان المزركشة. وحين تتكلم تتحدث بشكل درامي وكأنها على خشبة المسرح، وتبالغ في كل شيء لتجذب اهتمام مستمعيها. ولها علاقات متعددة، تبدو حميمية في ظاهرها لأنها قادرة على التلويح بالحب وبالصداقه، ولكنها حقيقة هي غير قادرة على أي منها. وفي بدايات العلاقة تراها شديدة الحماس وترفع الطرف الآخر للسماء ولكن بعد وقت قصير يفتر حماسها وتنطفئ عواطفها الوقتية الزائفة. يتعلق بها الكثيرون لجمالها وشياكتها وأحيانا لجاذبيتها وإغرائها، ولكنها تكون غير قادرة على حب حقيقي، وهي متقلبة وسطحية وخادعة، وبالتالي فإن الحياة الزوجية معها تبدو صعبة. وهي شخصية هشة غير ناضجة، عندما تواجه أي ضغط خارجي لا تتحمله فيحدث لها أعراض هستيرية(إغماء - تشنج – شلل هستيرى – فقد النطق - أو غيره) وذلك لجذب التعاطف والاهتمام ممن حولها وإذا لم تجد ذلك فهي تهدد بالانتحار بطريقة درامية وربما تحاوله بعد أن تكتب خطاباً رومانسياً أو تهديدياً كل هذا بهدف استعادة الاهتمام بها. وهي انانية لا تهتم إلا بنفسها، ولا تستطيع الاهتمام بزوجها أو بيتها أو أبنائها، لذلك فهي زوجة فاشلة وأم فاشلة تقضي معظم الوقت في شراء الملابس والمجوهرات والإكسسوارات وتقضي بقيته في التزين والفرجة على نفسها في المرآة واستعراض كل هذا في المناسبات والحفلات. اما الشخصية البارانوية (الشكاك المتعالي): فهي الشخصية الشكاكة تسيء الظن بالآخرين تتوقع العداء والإيذاء منهم، فكل الناس في نظره أشرار متآمرون. هذه الشخصية لا تعرف الحب أو الرحمة أو التسامح لأنه في طفولته المبكرة لم يتلق الحب من مصادره الأساسية(الوالدين)، وهو دائم الشعور بالاضطهاد والخيانة ممن حوله، وهذا الشعور يولد لديه كراهية وميولا عدوانية تجاه كل من يتعامل معهم. وعدوانيته تأخذ صوراً كثيرة منها النقد اللاذع والمستمر للآخرين، أو السخرية الجارحة منهم وفي نفس الوقت لا يتحمل أي نقد من أحد فهو لا يخطئ أبداً( في نظره) وهو شديد الحساسية لأي شيء يخصه. والشخص البارانوي لا يغير رأيه بالحوار أو النقاش فلديه ثوابت لا تتغير، ولذلك فالكلام معه مجهد ومتعب دون فائدة، وهو يسئ تأويل كل كلمة ويبحث فيما بين الكلمات والسطور عن النوايا السيئة ويتوقع الغدر والخيانة من كل من يتعامل معهم. وهو دائم الاتهام لغيره ومهما حاول الطرف الآخر إثبات براءته فلن ينجح بل يزيد من شكه وسوء ظنه، بل ان محاولات التودد والتقرب من الاخرين تجاهه تقلقه وتزيد من شكوكه. وفي بداية حياته تكون لديه مشاعر اضطهاد وكراهية للناس ولذلك يسعى لامتلاك القوة( امتلاك المال أو امتلاك المناصب أو غيرها) ولكن إذا ما استقرت أوضاعه المالية والاجتماعية ووصل الى مايريده تراه يشعر بالاستعلاء والفخر والعظمة ويتعالى على الآخرين وينظر اليهم باحتقار. اما الشخصية النرجسية (الطاووس): فالنرجسي معجب بنفسه أشد الإعجاب، يرى نفسه أجمل البشر وأذكاهم وأقواهم، يعتقد أنه متفرد بكل صفات التفوق' وبالتالي هو محور الكون، والكل يدورون حوله يؤدون له واجبات الولاء والطاعة ويهيئون له فرص النجاح والتفوق ويمتدحون صفاته المتفرده. تعرفه حين تراه فهو شديد الاهتمام بمظهره وبصحته وبشياكته، يتحدث عن نفسه كثيراً وعن إنجازاته وطموحاته. مغرور الى درجة كبيرة لايرى أحداً بجواره. يستخدم الأخرين لخدمة أهدافه ثم لا يلقي لهم بالا بعد ذلك. ليس لديه مساحة للحب، فهو لا يحب إلا نفسه وإذا اضطر للتظاهر بالحب فإن حبه يكون سطحيا بعيدا عن الدفء. يميل كثيراً للتباهى والشهرة والظهور ويهتم بهذه الأشياء أكثر من اهتمامه بجوهر الأشياء. ربما يستطيع من خلال تقديره العالي لذاته أن يحقق نجاحات شكلية ظاهرية تدعم لديه شعوره بالتميز، ولكن الحياة معه تكون غاية في الصعوبة فهو غير قادر على منح شريكة حياته (أو شريك حياتها) أي قدر من الحب بل هو يستغل الشريك لصعود نجمه وتألقه ثم يتخلى عنه اذا تحقق مايصبو اليه. لا بد من فهم الشخصية للتعامل معها الشخصية السيكوباتية (النصاب – المحتال – المخادع – الساحر): فالشخص السيكوباتي مخادع، كذاب ومحتال، نصاب، عذب الكلام، يعطي وعوداً كثيرة، ولا يفي بأي شيء منها. لا يحترم القوانين أو الأعراف أو التقاليد وليس لديه ولاء لأحد' ولكن كل ولائه لملذاته وشهواته. يسخر الجميع لتحقيق مصالحه من اجل الاستفادة منهم واستغلالهم وأحيانا ابتزازهم، لا يتعلم من أخطائه ولا يشعر بالذنب تجاه أحد. لا يعرف الحب، ولكنه بارع فى الإيقاع بضحاياه حيث يوهمهم به ويغريهم بالوعود الزائفة، ويعرف ضعفهم ويستغلهم. عند مقابلته ربما تنبهر بلطفه وقدرته على استيعاب من أمامه وبمرونته في التعامل وشهامته الظاهرية المؤقته ووعوده البراقة، ولكن حين تتعامل معه لفترة كافية أو تسأل أحد المقربين منه عن تاريخه تجد حياته شديدة الإضطراب ومليئة بتجارب الفشل والتخبط والأفعال اللاخلاقية، وربما يكون قد تعرض للفصل من دراسته أو من عمله أو دخل السجن بسبب قضايا نصب أو احتيال أو انتحال شخصيات، أو أنه يتعاطى المخدرات بكثرة. وهذا النموذج يعرفه أصحاب الخبرة في الحياة ولكن تنخدع به الفتيات الصغيرات، فهو ينصب الفخ لفتاة قليلة الحظ من الجمال ويوهمها بالحب، ومن خلال هذا الوهم يبتزها ويستنزفها(ماديا أو جنسيا)، ويدفعها للصراع مع أهلها لإرغامهم على الموافقة على الزواج منه، وإذا حاولوا أن ينصحوها بالابتعاد عنه(لما يعرفونه عنه وعن أسرته من انحراف) تزداد هيي عنادا وتمسكا به، وإذا وافق الأهل مضطرين تحت ضغط ابنتهم المخدوعة فيه فإنه سرعان ما يتهرب منها ويغدر بها، وإذا حدث وتزوجها فإنه يذيقها الأمرين بسبب نزواته وانحرافاته وفشله وعدم تقديره للمسؤولية ولربما يدمر حياتها. تتبلور وتتضح الشخصية ابتداء من مرحلة المراهقة شخصية نرجسية