لشدة حب الأستاذ عبدالعزيز محمد الأحيدب رحمه الله للألغاز الشعبية وولعه بها أصدر عام 1404ه كتاباً صغيراً بعنوان (الألغاز المعنوية من الأشعار الشعبية) انتخب الأحيدب أشعاراً شعبية أخرى وملغزات نثرية غيرما أوردها في كتابه الآخر (الممتاز) فقد حشد أبياتاً من قصائد الشاعر سليمان بن علي -رحمه الله تعالى -وأبياتا لحاضر العازمي والشاعر المشهور إبراهيم بن جعيثن والشاعر الفكاهي علي الصفراني والشاعر حمد المعجل والشاعر زيد بن بليهيد والشاعر حسن بن غانم والشاعر عبدالله بن سعود الصقري وغيرهم من الشعراء. يقول الأديب عبدالعزيز الأحيدب -رحمه الله تعالى-: إن الألغاز الشعبية بأنواعها لا أحد يجهل منزلتها وعراقتها لأنها تكون في الدرجة الثانية بعد العربية حيث تعطي نفس المعنى ويعرفها عامة الناس.. انتهى كلام الأحيدب. وقد روى الأحيدب عن صديقه محمد بن يحيى -رحمه الله- قصيدة سليمان ابن علي -رحمه الله- المليئة بالألغاز كلها من الألغاز وهي خمسون بيتاً وقد وجهها إلى الشيخ إبراهيم السويح -رحمه الله تعالى- قاضي تبوك وهو شاعر شعبي لكنه مقل توفي سنة 1369ه واثنى عليه سليمان بالعقل، يقول سليمان بن علي: اهتلت مما رأيت وابديت الفكر لا ناب لا نايم ولا شارب خمر رأيت رؤيا ما راها قبلي من شعت أبصار حي في البشر فيما يرى النايم رايت البارح رؤيا ولا رأيت من هولها عبر ولا بعد قصيتها للعارف اخاف شوفي يا فتى الجود شجر يا طارشي يم السويح قله يفتي فتا شاف الهوايل والعبر انا اخترته حيث ان قلبه واعي من احنف علمه وهجسه في عمرو ثم بدأ سليمان بن علي يوالي الألغاز وكل نفر خصص له بيتين من الشعر ونختار منها هذه الأبيات ويقابله وبعده حل الشيخ إبراهيم السويح -رحمه الله- يقول: سليمان بن علي في هذا اللغز رأيت شيخ دايم يستسقى من خلقته وهو لرزقه ينتظر وهو إلى جاه أنقه في حينه يظهر ولا يدخل ولا عنده ذخر اجاب السويح على هذا اللغز أما الذي رأيته يوم يستغيث هذاك مرزام ورزقه هو المطر ويقول سليمان بن علي في لغز آخر ورأيت شيخ ليتني ما رأيته له سيره ما هيب في كل السير البطن خالي واللسان امطرق ما يسفهل الا بيوم فيه قشر أجاب الشيخ إبراهيم السويح وأما الذي مطرق لسانه والبطن خالي ويسفهل حد القشر فهو المسمى بالطبل تدريبه ويطرب البهلول وأشباه البزر قال سليمان بن علي في قصيدته الألغاز ورأيت شيخ كل يوم يرزق الناس خدامه وهو على ظهر أجاب الشيخ السويح وأما الذي كل يوم يرزق وهو اجلوسه دايم على الظهر هذاك صحن الدار ما به أشكله والأقداح عند البوادي والحضر ثم يقول الراوية والأديب الأحيدب -رحمه الله تعالى- حينما روى هذين القصيديتين ونشرهما في كتابه الألغاز المعنوية.. فأنا الآن حائر مثلك (يقصد القارئ) هل أفضل الشاعر المبدع الذي أوجد الألغاز من عدم إلى وجود وعصرها من أفكاره ووضعها في هذا القالب البديع أم الشاعر الذي سبر غورها من كل جانب حتى حلها حلاً موفقاً مرضياً.. انتهى كلامه غلاف الألغاز المعنوية من الأشعار الشعبية وحقاً قال الأديب الأحيدب فإن الشاعرين اثبتا أنهما ذا تمكن وطول باع في الألغاز الشعبية ويحتار القارئ من هو الفحل فيهما في هذا الميدان العويص المبهم، وفي جانب آخر ومهم فإن الأستاذ الأحيدب كان من أوائل من جمع قصائد القهوة الشعبية وافردها في كتاب قبل الأستاذين السويداء والدامغ بزمن ليس قصيرا وله ريادة السبق في هذا الجمع اللطيف ونشره بين الناس وكتابه هذا الموسوم (تحفة العقلاء في القهوة والثقلاء) نشر هذا الكتاب عام1390ه ثم طبع طبعة ثانية عام 1404ه ويقع الكتاب في 175 صفحة وقدم له الأحيدب ببحث فيه شيء كثير عن تاريخ القهوة وكيف وصلت إلى الجزيرة العربية والفتاوى التي قيلت فيها وغرام أهل الجزيرة العربية بها وخصوصاً أهل نجد ثم إن الأحيدب -رحمه الله- حشد الكثير من الأشعار الشعبية التي قيلت في القهوة وروى قصائد يعد فيها الأحيدب الناشر لأول مرة ومنها قصيدة: ابن ونيان الحربي ومطلع قصيدته يا الله يا اللي سايله ما يمله يا مظهر العشب الخضر بالرشاشي وقصيدة عطا الله الخزيم في القهوة وقصيدة السويلم العلي في القهوة، فالكتاب هذا تحفة على اسمه ومسل وطريف ومفيد، ومن كتب الأحيدب الشعبية الديوان الذي أصدره عن الشاعر الشهير الفذ إبراهيم بن جعيثن فقد كان ابن جعيثن صديقاً للأحيدب وروى عنه أشعاره في هذا الديوان والجدير بالذكر أن الأستاذ عبدالعزيز الأحيدب كان صديقاً للشيخ محمد بن يحيى -رحمهم الله- فقد كان الأحيدب يأخذ عنه القصص والأشعار الشعبية إلى آخر لحظة من حياة ابن يحيى كما اخبرني الأستاذ عبدالله بن محمد يحيى نجل الراوية وكان ابن يحيى لا يبخل عليه بأي شيء فيه تعلق بالأدب الشعبي وقد ذكر الأحيدب في آخر كتابه القهوة ابن يحيى ومعه مجموعة من الرواة مثل عبدالعزيز الفايز وأخوه ناصر والشاعر عبدالله بن صقيه على تعاونهم معه في هذا الكتاب، رحم الله الأحيدب فقد قدم للمكتبة السعودية الكثير من المؤلفات التي تسهم في الثقافة العامة والتراث الشعبي ، توفي رحمه الله في عام 1422ه. غلاف تحفة العقلاء في القهوة والثقلاء