الخوف مادام في حدوده الطبيعية فهو يعتبر مرحلة مهمة من مراحل نمو الطفل ومظهرا من مظاهر الحفاظ على البقاء، وقد يستمر الخوف حتى الطفولة المتأخرة مع اختلاف المسببات.. وقد يخطئ الآباء بالاعتقاد بأن الحل الامثل للتخلص من هذا الخوف هو بإبعاد الطفل عن مسببات الخوف وعدم مواجهتها، لحرصهم الشديد على اطفالهم، فيكونون سببا في غرس الخوف في نفوسهم وسببا في عزلتهم وعدم ثقتهم بمن حولهم. كما يخطئ الآباء في انتهاجهم طرقا تربوية تعزز الخوف السلبي، كأن يلجأون الى العقاب بالحبس او الابقاء في غرفة مظلمة، او تهديده برميه في الشارع، او تخويفه بالحرامي الذي سيأتي ليأخذه من غرفته، وعندما يسمع الطفل هذا الكلام يرسم صورا كثيرة بخياله الجامح وعندما تتضخم هذه الصور في رأسه، تصبح مخيفة جدا، فيسقطها على كل موقف، وتتهيأ له خيالات سوداوية يرتعب لها، ويشك بكل من حوله، وتتحول قوته التي كان يستمدها من اهله، وامانه الذي كان يستمده من المنزل، الى خوف وقلق وعدم امان، ويتحول الظلام الذي يملأ الغرفة قبل النوم الى مسرح للخيالات والافكار، يتخيل فيه العفاريت والكلاب والشياطين واللصوص، ويزيد الطين بلة حين يكون من افراد العائلة من يمارس عملية التخويف من الظلام بطريقة المداعبة السمجة او بطريقة سرد القصص الخرافية المفزعة، وما أن ينام الطفل حتى تظهر في احلامه نتيجة بقائها في لا وعيه. دور الآباء هنا مهم ويبتدئ بالحديث الودي الهادئ، ومناقشة الطفل في اسباب خوفه، ومحاولة الاصغاء الطويل الى ما يقوله للتخفيف عنه، ولإشعاره بأن من حوله يعرفون ما هي مخاوفه، ولزيادة ثقته بنفسه ورفع روحه المعنوية، ثم يأتي دور التقليل من شأن تلك المخاوف، ومحاولة تحجيمها، بإظهار قوة الابوين وقدرتهما على المحافظة عليه وحمايته، ليستمد من قوتهما قوة، ومن ثقتهما في نفسيهما ثقة.. وعلى دروب الخير نلتقي.